المتكلم)، والتحسر معناه الحزن مما فات وقته لانحساره مما لا يمكن استدراكه.
ويرى الراغب في مفرداته (يا حسرتا) من مادة (حسر) على وزن (حبس) وتعني التعري والتجرد من الملابس، وبما أن الندم والحزن على ما مضى بمنزلة زوال حجب الجهل، فلا اطلاق على هذه الموارد.
نعم، فعندما يرد الانسان إلى ساحة المحشر، ويرى بأم عينيه نتائج إفراطه وإسرافه ومخالفته واتخاذه الأمور الجدية هزوا ولعبا، يصرخ فجأة (وا حسرتاه) إذ يمتلئ قلبه في تلك اللحظات بغم كبير مصحوب بندم عميق، وهذه الحالة النفسية التي وردت في الآيات المذكورة.
أما فيما يخص معنى جنب الله هنا؟ فإن المفسرين ذكروا تفاسير ومعاني كثيرة لها. وكلمة (جنب) تعني في اللغة " الخاصرة "، كما تطلق على كل شئ يستقر إلى جانب شئ آخر، مثلما أن اليمين واليسار يعنيان الطرف الأيمن والأيسر للجسم، ثم يقال لكل شئ في يسار أو يمين الجسم، وهنا جنب الله تعني أن الأمور ترجع إلى جانب الله، فأوامره وإطاعته والتقرب إليه، والكتب السماوية كلها نزلت من جانبه، وكلها مجموعة في هذا المعنى.
وبهذا الترتيب فإن المذنبين يكشفون في ذلك اليوم عن ندامتهم وحسرتهم وأسفهم على تقصيرهم وتفريطهم تجاه الله سبحانه وتعالى، خاصة فيما يتعلق بسخريتهم واستهزائهم بآيات الله ورسله، لأن السبب الرئيسي لتفريطهم هو العبث والسخرية من هذه الحقائق الكبيرة بدافع الجهل والغرور والتعصب.
ثم تضيف الآية أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين.
يبدو أن هذا الكلام يقوله الكافر عندما يوقف أمام ميزان الحساب، حيث يرى البعض يقادون إلى الجنة وهم محملون بأعمالهم الحسنة، وهنا يتمنى الكافر لو أنه كان أحد هؤلاء المتوجهين إلى جنة الخلد.
وتضيف الآية مرة أخرى أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون