نعم، لهذا السبب فإن الآية المذكورة أعلاه من أوسع وأشمل آيات القرآن المجيد، حيث تعطي الأمل بغفران كل أنواع الذنوب، ولهذا السبب فإنها تبعث الأمل في النفوس أكثر من بقية الآيات القرآنية. وحقا، فإن الذي لا نهاية لبحر لطفه، وشعاع فيضه غير محدود، لا يتوقع منه أقل من ذلك.
وقد شغلت أذهان المفسرين مسألتان، رغم أن حلهما كامنة في هذه الآية والآية التي تليها:
الأولى: هل أن عمومية الآية تشمل كل الذنوب حتى الشرك والذنوب الكبيرة الأخرى، فإذا كان كذلك فلم تقول الآية (48) من سورة النساء: إن الشرك من الذنوب التي لا تغتفر إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
والثانية: هل أن الوعد الذي أعطاه الله بغفران الذنوب مطلق أم مشروط بالتوبة ونظير ذلك؟
وبالطبع فإن السؤال الأول مرتبط بالسؤال الثاني، والجواب عليهما سيتضح خلال الآيات التالية بصورة جيدة، لأن هناك ثلاثة أوامر وردت في الآيات التالية وضحت كل شئ أنيبوا إلى ربكم والثانية وأسلموا له والثالثة واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم.
هذه الأوامر الثلاثة تقول: إن أبواب المغفرة والرحمة مفتوحة للجميع من دون أي استثناء، ولكن شريطة أن يعودوا إلى أنفسهم بعد ارتكاب الذنب، ويتوجهوا في مسيرهم نحو البارئ عز وجل، ويستسلموا لأوامره، ويظهروا صدق توبتهم وأنابتهم بالعمل، وبهذا الشكل فلا الشرك مستثنى من المغفرة ولا غيره، وكما قلنا فإن هذا العفو العام والرحمة الواسعة مشروطان بشروط لا يمكن تجاهلها.
وإذا كانت الآية (48) من سورة النساء تستثني المشركين من هذا العفو