ثم تنتقل الآية إلى إبطال المنطق الواهي الضعيف للمشركين الذين تركوا طريق الخلاص، وضاعوا في طرق الشرك والانحراف: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون (1)، وهنا سيتضح للجميع فساد أفكارهم وأعمالهم وبطلان عقائدهم..
هذه الآية هي تهديد قاطع للمشركين في أن البارئ عز وجل سيحاكمهم في يوم القيامة، اليوم الذي تنكشف فيه الإلتباسات وتظهر فيه الحقائق، ليجزوا ويعاقبوا على ما ارتكبوه من الأعمال المحرمة، إضافة إلى فضيحتهم أمام الجميع في ساحة المحشر.
منطق عبدة الأصنام واضح هنا، فأحد أسباب عبادة الأصنام هي أن مجموعة كانت تزعم أن الله سبحانه وتعالى أجل من أن يحيط به الإدراك الإنساني من عقل أو وهم أو حس، فهو منزه عن أن يكون موردا للعبادة مباشرة، فلذا قالوا: من الواجب أن نتقرب إليه بالتقرب إلى مقربيه من خلقه، وهم الذين فوض إليهم تدبير شؤون العالم، فنتخذهم أربابا من دون الله ثم آلهة نعبدهم ونتقرب إليهم ليشفعوا لنا عند الله ويقربونا إليه زلفى، وهؤلاء هم الملائكة والجن وقديسو البشر.
ولما أحسوا بأن ليس باستطاعتهم الوصول إلى أولئك المقدسين، بنوا تماثيل لهم، وأخذوا يعبدونها، وهذه التماثيل هي نفسها الأصنام، ولأنهم كانوا يزعمون أن لا فرق بين التماثيل وأولئك المقدسين وأن لهما نوعا من التوحد،، لذا عمدوا إلى عبادة الأصنام واتخاذه آلهة لهم.
وبهذا الشكل فإن الأرباب في نظرهم، هم أولئك الذين خلقهم الله وقربهم إلى نفسه، وفوض إليهم تدبير شؤون العالم حسب زعمهم، وكانوا يعتبرون البارئ عز وجل هو (رب الأرباب) وهو خالق عالم الوجود، ومن النادر أن يوجد من الوثنيين من يقول بأن هذه الأصنام المصنوعة من الحجر والخشب، أو حتى آلهتهم