بجد وسعي إلا أنهم يبتلون أحيانا بالنقائص والزلات، ولعل من الممكن أن يعلو غبار اليأس والقنوط قلوبهم نتيجة هذه الزلات والهفوات، هنا تأتي إليهم الشفاعة كقوة محركة وتقول: لا تيأسوا، واستمروا في طريقكم، ولا تكفوا أيديكم عن السعي والاجتهاد في هذا المسير، وإذا ما بدر منكم زلل وهفوات فإن هناك شفعاء سيشفعون لكم عند الله الرحمن الذي وسعت رحمته كل شئ فيأذن لهم بالشفاعة.
إن الشفاعة ليست دعوة للتقاعس، أو الفرار من تحمل المسؤولية، أو أنها ضوء أخضر لارتكاب المعاصي، بل هي دعوة إلى الاستقامة في طريق الحق، واجتناب الذنوب قدر الإمكان.
ومع أننا قد أوردنا بحث الشفاعة بصورة مفصلة في ذيل الآية (47 - 48) من سورة البقرة، وفي ذيل الآية (255) من سورة البقرة، لكن لا بأس من أن نضيف هنا قصة جميلة:
فقد روى العالم الرباني المرحوم " ياسري " - أحد علماء طهران المحترمين - أن شاعرا يسمى " حاجبا " كان قد ابتلي بأفكار العوام في مسألة الشفاعة، فنظم شعرا قال فيه:
يا حاجب إن كانت معاملتك مع علي في المحشر، فأنا ضامن لك النجاة واعمل ما شئت من الذنوب.
فرأى أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) في المنام، وكان مغضبا، وقال له: لم تحسن قول الشعر، فقال: فماذا أقول؟ فقال: أصلح شعرك وقل: يا حاجب: إن كانت معاملتك مع علي في المحشر فاستح منه وقلل من ذنوبك ومعاصيك.
ولما كان حضور الناس في عرصات القيامة للحساب والجزاء لابد معه من علم الله سبحانه بأعمالهم وسلوكهم ومعاملاتهم، فإن الآية التالية تضيف: يعلم