بأن له ربا، وأنهما رسولاه، ويكونان قد أفهماه بصورة ضمنية أن ادعاء الربوبية لا يصح من أي أحد، فهي مختصة بالله.
ثم تقول: فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم. الصحيح أن دعوة موسى لم تكن من أجل نجاة بني إسرائيل من قبضة الفراعنة فقط، بل كانت - وبشهادة سائر آيات القرآن - تهدف أيضا إلى نجاة فرعون والفراعنة أنفسهم من قبضة الشرك وعبادة الأوثان. إلا أن أهمية هذا الموضوع، وارتباطه المنطقي بموسى كان السبب في أن يضع إصبعه على هذه المسألة بنفسه، لأن استغلال واستعباد بني إسرائيل مع كل ذلك التعذيب والأذى لم يكن أمرا يمكن توجيهه.
ثم أشارت إلى دليلهما ووثيقتهما، فتقول: قولا له: قد جئناك بآية من ربك فإنا لا نتكلم اعتباطا أو جزافا، ولا نتحدث من دون أن نمتلك الدليل، وبناء على هذا، فإن العقل يحكم بأن تفكر في كلامنا على الأقل، وأن تقبله إن كان صحيحا ومنطقيا.
ثم تضيف الآية من باب ترغيب المؤمنين: والسلام على من اتبع الهدى.
وهذه الجملة يمكن أن تشير أيضا إلى معنى آخر، وهو أن السلامة في هذه الدنيا، والعالم الآخر من الآلام والعذاب الإلهي الأليم، ومن مشاكل الحياة الفردية والاجتماعية، من نصيب أولئك الذين يتبعون الهدى الإلهي، وهذه في الحقيقة هي النتيجة النهائية لدعوا موسى.
وأخيرا، فإن الله يأمرهما أن يفهماه العاقبة المشؤومة للتمرد على هذه الدعوة وعصيانها، بقولهما له: إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى.
من الممكن أن يتوهم متوهم عدم تناسب هذه العبارة والحوار الملائم اللذين كانا قد أمرا بهما. إلا أن هذا خطأ محض، فأي مانع من أن يقول طبيب حريص بأسلوب مناسب لمريضه: كل من يستعمل هذا الدواء سيشفى وينجو، وكل من