" الأجل " بمعنى العمر ومدة الشئ، كأن نقول: أجل هذا الصك ثلاثة أشهر، أي أن مدته تنتهي بعد ثلاثة أشهر، أو إلى أجل مسمى أي إلى تاريخ محدد.
وكما قلنا سابقا فالأجل نوعان: " المحتم " و " المشروط "، فالأجل المحتم انتهاء عمر الإنسان أو عمر قوم ما، ولا تغيير فيه. أما الأجل المشروط فيمكن أن يتغير حسب تغير الظروف فيزداد أو ينقص، وقد تحدثنا عن ذلك سابقا بإسهاب (1).
وعلى كل حال، فإن الآية السابقة تشير إلى " الأجل المحتم ".
وتكشف الآية التالية حقيقة استمرار بعث الأنبياء عبر التاريخ بالدعوة إلى الله حيث تقول: ثم أرسلنا رسلنا تترا.
كلمة " تترا " مشتقة من " الوتر " بمعنى التعاقب، و " تواتر الأخبار " تعني وصولها الواحد بعد الآخر، ومن مجموعها يتيقن الإنسان بصدقها، وهذه الكلمة مشتقة في الأصل من " الوتر " بمعنى حبل القوس حيث يتصل الحبل بالقوس من جهتيه ويقع خلفه ليقرب رأسي القوس (ومن حيث التركيب فإن كلمة " تترا " في الأصل " وترا " تبدلت الواو فيه تاء).
وعلى كل حال فإن معلمي السماء، كانوا يتعاقبون في إرشاد الناس، إلا أن الأقوام المعاندة كانوا يواصلون الكفر والإنكار، فإنه: كلما جاء أمة رسولها كذبوه.
وعندما تجاوز هذا الكفر والتكذيب حده وتمت الحجة عليهم. فاتبعنا بعضهم بعضا.
أي أهلكنا الأمم المعاندة الواحدة بعد الأخرى ومحوناهم من الوجود.
وقد تم محوهم بحيث لم يبق منهم سوى أخبارهم يتداول الناس