بيناه آنفا بتفصيل. وكما أشار القرآن إليه، فإن الطريق الذي اختاره سليمان (عليه السلام) كان أقرب من الناحية التنفيذية، وجملة وكلا آتينا حكما وعلما والتي ستأتي في الآية التالية، شاهدة على صحة كلا القضاءين.
ونقول في جواب السؤال الثالث: لا يبعد أن يكون الأمر على هيئة تشاور، وهو التشاور الذي يحتمل أن يكون لتعليم سليمان وتأهيله في أمر القضاء، والتعبير ب (حكمهم) شاهد أيضا على وحدة الحكم النهائي، بالرغم من وجود حكمين مختلفين في البداية. (فتأملوا بدقة).
ونقرأ في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أنه قال: " لم يحكما، إنما كانا يتناظران " (1).
ويستفاد من رواية أخرى رويت في أصول الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن هذه القضية حدثت لتعيين وصي داود وخليفته وأن يتعلم أولئك النفر منهما أيضا (2).
وعلى كل حال، فإن الآية التالية تؤيد حكم سليمان في هذه القصة على هذه الشاكلة: ففهمناها سليمان ولكن هذا لا يعني أن حكم داود كان اشتباها وخطأ، لأنها تضيف مباشرة وكلا آتينا حكما وعلما.
ثم تشير إلى إحدى المواهب والفضائل التي كان الله سبحانه قد وهبها لداود (عليه السلام)، فتقول: وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير فإن ذلك ليس شيئا مهما أمام قدرتنا وكنا فاعلين.
* * *