آلهتكم (1) وهم بذكر الرحمن هم كافرون.
مما يثير العجب هو إنه لو ازدرى أحد هذه الأصنام الخشبية والحجرية (وما هو بمزدر لها، بل يفصح عن حقيقتها) فيقول: إن هذه موجودات لا روح فيها ولا شعور ولا قيمة لها، لتعجبوا منه، أما إذا جحد أحدهم ربه الرحمن الرحيم الذي عمت آثار رحمته وعظمته الأرض والسماء وما من شئ إلا وفيه دليل على عظمته ورحمته، لما أثار إعجابهم!!
نعم، إن الإنسان إذا اعتاد أمرا وتطبع عليه وتعصب له فإنه سيتقدس في نظره وإن كان أسوء الأمور، وإذا عادى شيئا فسيبدو سيئا في نظره تدريجيا وإن كان أجمل الأمور وأحبها.
ثم تشير إلى أمر آخر من الأمور القبيحة لدى هذا الإنسان المتحلل، فتقول:
خلق الإنسان من عجل. وبالرغم من اختلاف المفسرين في تفسير كلمتي (إنسان) و (عجل)، ولكن من المعلوم أن المراد من الإنسان هنا نوع الإنسان - طبعا الإنسان المتحلل والخارج عن هداية القادة الإلهيين وحكومتهم - والمراد من " عجل " هي العجلة والتعجيل، كما تشهد الآيات التالية على هذا المعنى، وكما نقرأ في مكان آخر من القرآن: وكان الإنسان عجولا (2).
إن تعبير خلق الإنسان من عجل في الحقيقة نوع من التأكيد، أي إن الإنسان عجول إلى درجة كأنه خلق من العجلة، وتشكلت أنسجته ووجوده منها! وفي الواقع، فإن كثيرا من البشر العاديين هم على هذه الشاكلة، فهم عجولون في الخير وفي الشر، وحتى حين يقال لهم: إذا ارتكبتم المعاصي وكفرتم سيأخذكم العذاب الإلهي، فإنهم يقولون: فلماذا لا يأتي هذا العذاب أسرع؟!