يكن قد درس وتعلم - فقد جاء بكتاب واضح جلي ينسجم مع ما كان في متون الكتب السماوية، وهذا بنفسه دليل على الإعجاز. إضافة إلى أن صفات النبي وصفات كتابه تنطبق تماما على العلامات التي جاءت في الكتب السماوية السابقة، وهذا دليل أحقيته (1).
وعلى كل حال، فإن هؤلاء المتذرعين ليسوا أناسا طلاب حق، بل إنهم دائما في صدد إيجاد أعذار وتبريرات جديدة، فحتى ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى إلا أنهم الآن وقد جاءهم هذا النبي الكريم بهذا الكتاب العظيم، يقولون كل يوم كلاما، ويختلفون الأعذار للفرار من الحق.
وقالت الآية التالية: أنذر هؤلاء وقل كل متربص فنحن بانتظار الوعود الإلهية في حقكم، وأنتم بانتظار أن تحيط بنا المشاكل والمصائب فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن إهتدى وبهذه الجملة الحاسمة العميقة المعنى تنتهي المحاورة مع هؤلاء المنكرين العنودين المتذرعين.
وخلاصة القول: فإن هذه السورة لما كانت قد نزلت في مكة، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون تحت ضغط شديد من قبل الأعداء، فإن الله قد واساهم وسرى عن نفوسهم في نهاية هذه السورة، فتارة ينهاهم عن أن تأخذهم وتبهرهم أموال المنكرين الزائلة وثرواتهم، إذ هي للامتحان والابتلاء، وتارة يأمرهم بالصلاة والاستقامة لتقوى قواهم المعنوية أمام كثرة الأعداء. وأخيرا يبشر المسلمين بأن هؤلاء إن لم يؤمنوا فإن لهم مصيرا أسود مشؤوما يجب أن يكونوا في انتظاره.
اللهم اجعلنا من المهتدين وأصحاب الصراط المستقيم.