فلما أجزنا ساحة الحي، وانتحى * بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل (1) قال: والمعنى فلما أجزنا ساحة الحي، انتحى بنا. قال علي بن عيسى: إنما جئ بهذه الواو تارة، وحذفت أخرى، للتصرف في الكلام. وجواب إذا في صفة أهل الجنة محذوف وتقديره: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها، وكانوا كيت وكيت، فازوا ونالوا المنى، وما أشبه ذلك. وهذا معنى قول الخليل، لأنه قال في بيت امرئ القيس الجواب محذوف، والتقدير: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا، خلونا ونعمنا. ومثله قول بعض الهذليين:
حتى إذا سلكوهم في قتائدة، * شلا كما تطرد الجمالة الشردا (2) فحذف جواب إذا، لأن هذا البيت آخر القصيدة، وتحقيقه: إن التقدير حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها. فالواو واو حال، وجواب إذا مضمر، كما أضمر في قوله:
(حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) إلى قوله: (ثم تاب عليهم) والتقدير:
قاربوا الهلاك، ثم تاب عليهم.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن قسمة أحوال الخلائق في المحشر، بعد فصل القضاء، فقال: (وسيق الذين كفروا) أي: يساقون سوقا في عنف (إلى جهنم زمرا) أي: فوجا بعد فوج، وزمرة بعد زمرة (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها) أي:
حتى إذا انتهوا إلى جهنم، فتحت أبواب جهنم عند مجيئهم إليها، وهي سبعة أبواب (وقال لهم خزنتها) الموكلون بها على وجه التهجين لفعلهم، والإنكار عليهم (ألم يأتكم رسل منكم) أي: من أمثالكم من البشر. (يتلون عليكم أيات ربكم) يقرؤون عليكم حجج ربكم، وما يدلكم على معرفته، ووجوب عبادته. (وينذرونكم لقاء يومكم هذا) أي: ويخوفونكم من مشاهدة هذا اليوم وعذابه.