تأمرونني به إذ تأمرون بعبادة من لا يسمع، ولا يبصر، ولا ينفع، ولا يضر. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (ولقد أوحي إليك) يا محمد (وإلى الذين من قبلك) من الأنبياء والرسل (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) قال ابن عباس: هذا أدب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وتهديد لغيره، لأن الله تعالى قد عصمه من أهل الشرك، ومداهنة الكفار (1). وليس في هذا ما يدل على صحة القول بالإحباط على ما يذهب إليه أهل الوعيد، لأن المعنى فيه أن من أشرك في عبادة الله غيره، من الأصنام وغيرها، وقعت عبادته على وجه لا يستحق عليها الثواب به، ولذلك وصفها بأنها محبطة إذ لو كانت العبادة خالصة لوجه الله تعالى، لاستحق عليها الثواب.
ثم أمر سبحانه بالتوحيد فقال: (بل الله فاعبد) أي: وجه عبادتك إليه تعالى وحده، دون الأصنام. (وكن من الشاكرين) الذين يشكرون الله على نعمه، ويخلصون العبادة له. قال الزجاج: (الله) منصوب بقوله (فاعبد) في قول البصريين والكوفيين. والفاء جاءت على معنى المجازاة، والمعنى قد تبينت فاعبد الله.
(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (67) ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض الا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68) وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتب وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون (69) ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون (70)).
الاعراب: (جميعا): نصب على الحال، والعامل فيه محذوف، وتقديره:
والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته. فإذا ظرف زمان، والعامل فيه (قبضته). وكان