لمن يشاء. وقيل: إن الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة، حين أراد أن يسلم، وخاف أن لا تقبل توبته، فلما نزلت الآية أسلم فقيل: يا رسول الله! هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بل للمسلمين عامة. وهذا لا يصح، لأن الآية نزلت بمكة، ووحشي أسلم بعدها بسنين كثيرة. ولكن يمكن أن يكون قرئت عليه الآية، فكانت سبب إسلامه. فالآية محمولة على عمومها. فالله سبحانه يغفر جميع الذنوب للتائب لا محالة، فإن مات الموحد من غير توبة، فهو في مشيئة الله، إن شاء عذبه بعدله، وإن شاء غفر له بفضله، كما قال: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
ثم دعا سبحانه عباده إلى التوبة، وأمرهم بالإنابة إليه فقال: (وأنيبوا إلى ربكم) أي: ارجعوا من الشرك والذنوب إلى الله، فوحدوه. (وأسلموا له) أي:
انقادوا له بالطاعة فيما أمركم به. وقيل: معناه اجعلوا أنفسكم خالصة له. قد حث سبحانه بهذه الآية على التوبة، كيلا يرتكب الانسان المعصية، ويدع التوبة، اتكالا على الآية المتقدمة. (من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) عند نزول العذاب بكم.
(واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) أي: من الحلال والحرام، والأمر والنهي، والوعد والوعيد. فمن أتى بالمأمور به، وترك المنهي عنه، فقد اتبع الأحسن، عن ابن عباس. وقيل: إنما قال (أحسن ما أنزل) لأنه أراد بذلك الواجبات والنوافل التي هي الطاعات، دون المباحات. وقيل. أراد بالأحسن الناسخ دون المنسوخ، عن الجبائي. قال علي بن عيسى: وهذا خطأ لأن المنسوخ يجوز أن يكون حسنا، إلا أن العمل بالناسخ يكون أصلح وأحسن. (من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة) أي: فجأة في وقت لا تتوقعونه (وأنتم لا تشعرون) أي: لا تعرفون وقت نزوله بكم.
(أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (56) أو تقول لو أن الله هدني لكنت من المتقين (57) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين (58) بلى قد