(قالوا) أي: قال الكفار لهم: (بلى) قد جاءتنا رسل ربنا، وخوفونا بآيات الله (ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) أي: وجب العقاب على من كفر بالله تعالى، لأنه أخبر بذلك، وعلم من يكفر، ويوافي بكفره، فقطع على عقابه، فلم يكن شئ يقع منه خلاف ما علمه، وأخبر به، فصار كوننا في جهنم موافقا لما أخبر به تعالى، ولما علمه. (قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها) أي: فيقول عند ذلك خزنة جهنم، وهم الملائكة الموكلون: ادخلوا أبواب جهنم مؤبدين، لا آخر لعقابكم (فبئس مثوى المتكبرين) أي: بئس موضع إقامة المتكبرين عن الحق وقبوله، جهنم (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) أي: يساقون مكرمين، زمرة بعد زمرة، كقوله (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا). وإنما ذكر السوق على وجه المقابلة، لسوق الكافرين إلى جهنم، كلفظ البشارة في قوله (فبشرهم بعذاب أليم). وإنما البشارة هي الخبر السار.
(حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) أي: وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم.
وأبواب الجنة ثمانية. وعن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن في الجنة ثمانية أبواب، منها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون). رواه البخاري ومسلم في الصحيحين. (وقال لهم خزنتها) عند استقبالهم: (سلام عليكم) أي: سلامة من الله عليكم، يحيونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا.
وقيل: هو دعاء لهم بالسلامة والخلود أي: سلمتم من الآفات. (طبتم) أي: طبتم بالعمل الصالح في الدنيا، وطابت أعمالكم الصالحة، وزكت. وقيل: معناه طابت أنفسكم بدخول الجنة. وقيل: إنهم طيبوا قبل دخول الجنة بالمغفرة، واقتص لبعضهم من بعض. فلما هذبوا وطيبوا، قال لهم الخزنة: طبتم، عن قتادة. وقيل:
طبتم أي: طاب لكم المقام، عن ابن عباس. وقيل: إنهم إذا قربوا من الجنة، يردون على عين من الماء، فيغتسلون بها، ويشربون منها، فيطهر الله أجوافهم، فلا يكون بعد ذلك منهم حدث وأذى، ولا تتغير ألوانهم، فتقول الملائكة: (طبتم فادخلوها خالدين) أي: فادخلوا الجنة خالدين مخلدين مؤبدين.
(وقالوا) أي: ويقول أهل الجنة إذا دخلوها اعترافا بنعم الله تعالى عليهم:
(الحمد لله الذي صدقنا وعده) الذي وعدناه على ألسنة الرسل (وأورثنا الأرض) أي: أرض الجنة، لما صارت الجنة عاقبة أمرهم. عبر عن ذلك بلفظ الميراث