(فاعترفنا بذنوبنا) التي اقترفناها في الدنيا (فهل إلى خروج من سبيل) هذا تلطف منهم في الاستدعاء أي: هل بعد الاعتراف سبيل إلى الخروج. وقيل: إنهم سألوا الرجوع إلى الدنيا أي: هل من خروج من النار إلى الدنيا لنعمل بطاعتك، ولو علم الله سبحانه أنهم يفلحون لردهم إلى حال التكليف، ولذلك قال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) تنبيها على أنهم لو صدقوا في ذلك لأجابهم إلى ما تمنوه. وفي الكلام حذف تقديره: فأجيبوا بأنه لا سبيل لكم إلى الخروج.
(ذلكم) أي: ذلكم العذاب الذي حل بكم (بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم) أي: إذا قيل (لا إله إلا الله) قلتم: أجعل الآلهة إلها واحدا، وجحدتم ذلك. (وإن يشرك به تؤمنوا) أي: وإن يشرك به معبود آخر من الأصنام والأوثان تصدقوا (فالحكم لله) في ذلك، والفصل بين الحق والباطل.
(العلي) القادر على كل شئ، ليس فوقه من هو أقدر منه، أو من يساويه في مقدوره. ونقلت هذه اللفظة من علو المكان إلى علو الشأن، ولذلك جاز وصفه سبحانه بذلك. قال: استعلى فلان عليه بالقوة، وبالحجة. وليس كذلك الرفعة.
ولذلك لا يوصف مكانه بأنه رفيع كما وصف بأنه علي.
(الكبير) العظيم في صفاته، التي لا يشاركه فيها غيره. وقيل: هو السيد الجليل، عن الجبائي (هو الذي يريكم آياته) أي: مصنوعاته التي تدل على كمال قدرته وتوحيده، من السماء والأرض والشمس والقمر. (وينزل لكم من السماء رزقا) من الغيث والمطر الذي ينبت ما هو رزق للخلق. (وما يتذكر) أي وما يتعظ بهذه الآيات، وليس يتفكر في حقيقتها (إلا من ينيب) أي: يرجع إليه. وقيل: إلا من يقبل إلى طاعة الله، عن السدي.
ثم أمر المؤمنين بتوحيده فقال: (فادعوا الله مخلصين له الدين) أي: وجهوا عبادتكم إليه تعالى وحده (ولو كره الكافرون) فلا تبالوا بهم. ثم وصف سبحانه نفسه فقال: (رفيع الدرجات) الرفيع بمعنى الرافع أي: هو رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة، عن عطا، عن ابن عباس. وقيل: معناه رافع السماوات السبع، عن سعيد بن جبير. وقيل: معناه أنه عالي الصفات (ذو العرش) أي:
مالك العرش وخالقه وربه. وقيل: ذو الملك. والعرش: الملك، عن أبي مسلم.
(يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده) وقيل: الروح هو القرآن، وكل كتاب