والجحيم: النار الموقدة. والمعنى: إن الزقوم والحميم طعامهم وشرابهم، والجحيم المسعرة منقلبهم ومأواهم. (إنهم ألفوا آباءهم ضالين) أي: إن هؤلاء الكفار صادفوا آباءهم ذاهبين عن الحق والدين. (فهم على آثارهم يهرعون) في الضلال أي: يقلدونهم ويتبعونهم اتباعا في سرعة. وقيل: معناه يسرعون، عن ابن عباس، والحسن. وقيل. يعملون بمثل أعمالهم، عن الكلبي. وقيل. يستحثون، عن أبي عبيدة.
(ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عقبة المنذرين (73) إلا عباد الله المخلصين (74) ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (75) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذريته هم الباقين (77) وتركنا عليه في الآخرين (78) سلم على نوح في العلمين (79) إنا كذلك نجزى المحسنين (80) إنه من عبادنا المؤمنين (81) ثم أغرقنا الآخرين (82).
المعنى: ثم أقسم سبحانه فقال: (ولقد) اللام هي التي تدخل في جواب القسم، وقد للتأكيد (ضل قبلهم) أي: قبل هؤلاء الكفار الذين هم في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الهدى، واتباع الحق (أكثر الأولين) من الأمم الخالية، والأكثر هو الأعظم في العدد. والأول هو الكائن قبل غيره. والأول قبل كل شئ هو الله سبحانه، لان كل ما سواه موجود بعده. وفي هذه الآية دلالة على أن أهل الحق في كل زمان، كانوا أقل من أهل الباطل. (ولقد أرسلنا فيهم منذرين) من الأنبياء والمرسلين، يخوفونهم من عذاب الله تعالى، ويحذرونهم معاصيه.
(فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) أي: من المكذبين المعاندين للحق.
والمعنى: فانظر يا محمد كيف أهلكتهم، وماذا حل بهم من العذاب، وكذلك يكون عاقبة المكذبين. ثم استثنى من المنذرين فقال: (إلا عباد الله المخلصين) الذين قبلوا من الأنبياء، وأخلصوا عبادتهم لله تعالى، فإن الله خلصهم من ذلك العذاب، ووعدهم بجزيل الثواب (ولقد نادانا نوح) أي: دعانا نوح بعد ما يئس من إيمان قومه، لننصره عليهم، وذلك قوله: (إني مغلوب فانتصر). (فلنعم المجيبون)