بكمال قدرته شجرة في النار من جنس النار، أو من جوهر لا تأكله النار، ولا تحرقه، كما أنها لا تحرق السلاسل والأغلال فيها، وكما لا تحرق حياتها وعقاربها، وكذلك الضريع وما أشبه ذلك.
(طلعها كأنه رؤوس الشياطين) يسأل عن هذا فيقال. كيف شبه طلع، هذه الشجرة برؤوس الشياطين، وهي لا تعرف، وإنما يشبه الشئ بما يعرف؟ وأجيب عنه بثلاثة أجوبة أحدها: إن رؤوس الشياطين ثمرة يقال لها الأستن، وإياه عنى النابغة بقوله:
تحيد عن أستن سود أسافله * مثل الإماء اللواتي تحمل الحزما (1) وهذه الشجرة تشبه بني آدم. قال الأصمعي: ويقال له الصوم، وأنشد:
موكل بشدوف الصوم يرقبه * من المعارم مهضوم الحشازرم (2) يصف وعلا يظن هذا الشجر قناصين (3)، فهو يرقبه. والشدوف: الشخوص، واحدها شدف. وثانيا: إن الشيطان جنس من الحيات، فشبه سبحانه طلع تلك الشجرة برؤوس تلك الحيات. أنشد الفراء:
عنجرد تحلف حين أحلف * كمثل شيطان الحماط أعرف (4) أي: له عرف، وأنشد المبرد:
وفي البقل إن لم يدفع الله شره، * شياطين يعدو بعضهن على بعض (5) وثالثها: إن قبح صور الشياطين متصور في النفوس، ولذلك يقولون لما