يقول لهذا القرين على وجه التوبيخ والتقريع: أليس كنت في الدنيا تقول. إنا لا نموت إلا الموتة التي تكون في الدنيا، ولا نعذب، فقد ظهر الأمر بخلاف ذلك.
وقيل. إن هذا من قول أهل الجنة بعضهم لبعض على وجه إظهار السرور بدوام نعيم الجنة. ولهذا عقبه بقوله: (إن هذا لهو الفوز العظيم) معناه: فما نحن بميتين في هذه الجنة إلا موتتنا التي كانت في الدنيا، وما نحن بمعذبين كما وعدنا الله تعالى، ويريدون به التحقيق لا الشك. وإنما قالوا هذا القول، لان لهم في ذلك سرورا مجددا، وفرحا مضاعفا، وإن كانوا قد عرفوا أنهم سيخلدون في الجنة. وهذا كما أن الرجل يعطى المال الكثير، فيقول مستعجبا: كل هذا المال لي، وهو يعلم أن ذلك له، وهذا كقوله:
أبطحاء مكة هذا الذي * أراه عيانا، وهذا أنا (لمثل هذا فليعمل العاملون (61) أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62) إنا جعلناها فتنة للظالمين (63) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رؤوس الشيطين (65) فإنهم لا كلون منها فمالئون منها البطون (66) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم (67) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنهم ألفوا آباءهم ضالين (69) فهم على آثارهم يهرعون (70).
اللغة: النزل: الريع والفضل، يقال لهذا الطعام: نزل ونزل. وقيل: هي الأنزال التي يتقوت بها، فتقيم الأبدان، وتبقى عليها الأرواح. ويقال: أقمت للقوم نزلهم أي: ما يصلح أن ينزلوا عليه من الغذاء. وزعم قطرب أن الزقوم شجرة مرة تكون بتهامة. قال أبو مسلم: وظاهر التلاوة يدل على أن العرب كانت لا تعرفها، فلذلك فسر بعد ذلك. والطلع. حمل النخلة، سمي بذلك لطلوعه. والشوب:
خلط الشئ بما ليس منه، وهو شر منه. والحميم الحار: الذي يدني من الإحراق المهلك. قال:
أحم الله ذلك من لقاء * أحاد أحاد في الشهر الحلال أي: أدناه. وحمم ريش الفرخ حين يدنو من الطيران. والحميم. الصديق القريب أي: الداني من القلب. وهرع الرجل وأهرع: إذا استحث فأسرع. قال