يستقبحونه جدا: كأنه شيطان، فشبه سبحانه طلع هذه الشجرة بما استقرت بشاعته في قلوب الناس. قال الراجز:
أبصرتها تلتهم الثعبانا * شيطانة تزوجت شيطانا (1) وقال أبو النجم:
الرأس قمل كله، وصئبان، * وليس في الرجلين إلا خيطان وهي التي يفزع منها الشيطان وقال امرؤ القيس.
أتقتلني والمشرفي مضاجعي، * ومسنونة زرق كأنياب أغوال فشبه أسنته بأنياب الأغوال، ولم يقل أحد إنه رأى الغول. وهذا قول ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي. وقال الجبائي: إن الله تعالى يشوه خلق الشياطين في النار حتى إنه لو رآهم راء من العباد لاستوحش منهم، فلذلك شبه برؤوسهم.
(فإنهم لآكلون منها) يعني أن أهل النار ليأكلون من ثمرة تلك الشجرة (فمالئون منها البطون) أي. يملأون بطونهم منها لشدة ما يلحقهم من ألم الجوع.
وقد روي أن الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك، فيحملهم إلى تلك الشجرة، وفيهم أبو جهل، فيأكلون منها، فتغلي بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته من الحرارة، فإذا قربوها من وجوههم، شوت وجوههم، فذلك قوله: (يشوي الوجوه). فإذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم، كما قال سبحانه: (يصهر ما في بطونهم والجلود) فذلك شرابهم وطعامهم فذلك قوله: (ثم إن لهم عليها) زيادة على شجرة الزقوم (لشوبا من حميم) أي: خليطا ومزاجا من ماء حار يمزج ذلك الطعام بهذا الشراب. وقيل: إنهم يكرهون على ذلك عقوبة لهم.
(ثم إن مرجعهم) بعد أكل الزقوم، وشراب الحميم (لإلى الجحيم) وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه، وهو خارج عن الجحيم، كما تورد الإبل إلى الماء، ثم يردون إلى الجحيم. ويدل على ذلك قوله: (يطوفون بينها وبين حميم آن).