استحقاق الثواب، والإلجاء لا يثبت معه استحقاق الثواب. قال الجبائي: ويجوز أن يكون المراد به. ولو شئنا لأجبناهم إلى ما سألوا من الرد إلى دار التكليف، ليعملوا بالطاعات، ولكن حق القول مني أن أجازيهم بالعقاب، ولا أردهم. وقيل: معناه ولو شئنا لهديناهم إلى الجنة. (ولكن حق القول مني) أي: الخبر والوعيد (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) أي: من كلا الصنفين بكفرهم بالله سبحانه، وجحدهم وحدانيته، وكفرانهم نعمته. والقول من الله سبحانه بمنزلة القسم، فلذلك أتى بجواب القسم، وهو قوله (لأملأن جهنم).
ثم حكى سبحانه ما يقال لهؤلاء الذين طلبوا الرجعة إلى دار التكليف، إذا جعلوا في العذاب، بقوله: (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا) أي: بما فعلتم فعل من نسي لقاء جزاء هذا اليوم، فتركتم ما أمركم الله به، وعصيتموه. والنسيان:
الترك، ومنه قول النابغة: (سفود شرب نسوه عند مفتأد) (1) أي: تركوه فلم يستعملوه. قال المبرد: لأنه لو كان المراد النسيان الذي هو ضد الذكر لجاز أن يكونوا استعملوه (إنا نسيناكم) أي: فعلنا معكم فعل من نسيكم من ثوابه أي: ترككم من نعيمه، جزاء على ترككم طاعتنا. (وذوقوا عذاب الخلد) الذي لا فناء له (بما كنتم تعملون) من الكفر والمعاصي.
ثم أخبر سبحانه عن حال المؤمنين فقال: (إنما يؤمن بآياتنا) أي: يصدق بالقرآن، وسائر حججنا (الذين إذا ذكروا بها) تذكروا واتعظوا بمواعظها بأن (خروا سجدا) أي: ساجدين شكرا لله سبحانه على أن هداهم بمعرفته، وأنعم عليهم بفنون نعمته (وسبحوا بحمد ربهم) أي: نزهوه عما لا يليق به من الصفات، وعظموه وحمدوه (وهم لا يستكبرون) عن عبادته، ولا يستنكفون من طاعته، ولا يأنفون أن يعفروا وجوههم، صاغرين له.