أنبأتك بأبواب الخير. قال، قلت: أجل يا رسول الله. قال: الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله. ثم قرأ هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع).
وبالإسناد عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة الداء عن الجسد). وقيل: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة. قال أنس: نزلت فينا معاشر الأنصار، كنا نصلي المغرب، فلا نرجع إلى رحلنا حتى نصلي العشاء الآخرة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هم الذين يصلون ما بين المغرب والعشاء الآخرة، وهي صلاة الأوابين، عن قتادة. وقيل: هم الذين يصلون العشاء والفجر في جماعة.
(يدعون ربهم خوفا) من عذاب الله (وطمعا) في رحمة الله (ومما رزقناهم ينفقون) في طاعة الله، وسبيل ثوابه. ووجه المدح في هذه الآية: أن هؤلاء المؤمنين يقطعهم اشتغالهم بالصلاة والدعاء، عن طيب المضجع، لانقطاعهم إلى الله تعالى، فآمالهم مصروفة إليه، واتكالهم في كل الأمور عليه.
ثم ذكر سبحانه جزاءهم فقال: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) أي: لا يعلم أحد ما خبئ لهؤلاء الذين ذكروا مما تقر به أعينهم. قال ابن عباس:
هذا ما لا تفسير له، فالأمر أعظم وأجل مما يعرف تفسيره. وقد ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الله يقول أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله (1) ما أطلعتكم عليه اقرؤا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين). رواه البخاري ومسلم جميعا.
وقد قيل في فائدة الإخفاء وجوه أحدها: إن الشئ إذا عظم خطره، وجل قدره، لا تستدرك صفاته على كنهه، إلا بشرح طويل، ومع ذلك فيكون إبهامه أبلغ. وثانيها. إن قرة العيون غير متناهية، فلا يمكن إحاطة العلم بتفاصيلها