الاعراب: (فلما نجاهم): العامل في (لما) معنى مقتصد، وتقديره:
اقتصدوا. (واخشوا يوما): انتصب (يوما) بأنه مفعول به. (لا يجزي): في موضع نصب بأنه صفة يوم، والتقدير لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا يكون مولود هو جاز عن والده شيئا. انتصب (شيئا) بأنه مفعول (جاز) ومفعول (يجزي) محذوف.
ويجوز أن يكون سد مسد مفعوليهما جميعا.
المعنى: ثم أكد سبحانه ما تقدم من الأدلة على وحدانيته، ونعمه على بريته، فقال: (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله) أي: ألم تعلم أيها الانسان أن السفن تجري في البحر بنعمة الله عليكم (ليريكم من آياته) أي: بعض أدلته الدالة على وحدانيته. ووجه الدلالة من ذلك أن الله تعالى يجري السفن بالرياح التي يرسلها في الوجوه التي يريدون المسير فيها، ولو اجتمع جميع الخلق ليجروا الفلك في بعض الجهات المخالفة لجهة الرياح، لما قدروا عليه، وفي ذلك أعظم دلالة على أن المجري لها بالرياح هو القادر الذي لا يعجزه شئ. فذلك بعض الأدلة الدالة عليه فلذلك قال (من آياته).
(إن في ذلك) أي: في تسخير الفلك، وإجرائها على البحر، وإجراء الريح على وفقها. (لآيات) أي: دلالات (لكل صبار) على مشاق التكليف (شكور) لنعم الله تعالى عليه. وإنما قال ذلك ليدل على أن الصبر على بلائه، والشكر لنعمائه، أفضل الطاعات. قال الشعبي. الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله. وفي الحديث: (الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر). وعلى هذا فكأنه سبحانه قال: إن ذلك لآيات لكل مؤمن.
(وإذا غشيهم) أي: إذا غشي أصحاب السفن الراكبي البحر (موج) وهو هيجان البحر (كالظلل) في ارتفاعه وتغطيته ما تحته. شبه الموج بالسحاب الذي يركب بعضه على بعض، عن قتادة. وقيل: يريد كالجبال، عن مقاتل. (دعوا الله مخلصين له الدين) أي: إن خافوا الغرق والهلاك فأخلصوا في الدعاء لله في هذه الحال. (فلما نجاهم) أي: خلصهم (إلى البر) وسلمهم من هول البحر (فمنهم مقتصد) أي: عدل في الوفاء في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له.
وقيل: إن هذا كان سبب إسلام عكرمة بن أبي جهل، وهو إخلاصهم الدعاء في البحر.