كل شئ.
فإن قلت. كيف يدل قوله (أحسن كل شئ) على خلق كل شئ، وقد نجد أشياء حسنة مما لم يخلقها؟ قيل: هذا كما قال (خالق كل شئ) فأطلق اللفظ عاما. وروي أن عكرمة سئل عن قوله تعالى (أحسن كل شئ خلقه) فقال: إن إست القرد ليست بحسنة، ولكنه أبرم خلقها أي: أتقن، وما قلناه من أن انتصاب خلقه من المصدر الذي دل عليه فعل متقدم مذهب سيبويه. ويجوز أن يكون (خلقه) بدل من قوله (كل شئ)، فيصير التقدير: الذي أحسن خلق كل شئ.
ومن قال (أحسن كل شئ خلقه) كان (خلقه) وصفا للنكرة المتقدمة. وموضع الجملة يحتمل وجهين: النصب على أن يكون صفة لكل، والجر على أن يكون صفة لشئ. وترك الهمزة في (بدا) محمول على البدل، لا على التخفيف القياسي، ومثله بيت الكتاب.
راحت بمسلمة البغال عشية * فارعي فزارة لا هناك المرتع (1) وتقول على البدل: أبديت إذا أخبرت عن نفسك. وتقول على التخفيف بدأت بالألف بلا همزة. وقد مر القول في اختلافهم في قوله (أإذا ضللنا في الأرض أ إنا لفي خلق جديد) وموضع (إذا): نصب بما دل عليه قوله (أإنا لفي خلق جديد) لأن هذا الكلام يدل على نعاد والتقدير: نعاد إذا ضللنا في الأرض. قال أبو عبيدة:
معناه همدنا في الأرض. وقال غيره: صرنا ترابا فلم يتبين شئ من خلقنا. وقوله (صللنا) بالصاد من قولهم: صل اللحم إذا نتن يصل ويصل. والمعنى: إذا دفنا في الأرض، وصلت أجسامنا. وقيل: إن معناه من الصلة وهي الأرض اليابسة، ومنه الصلصال.
المعنى: ثم أكد سبحانه ما تقدم من دلائل وحدانيته، وأعلام ربوبيته، فقال:
(ذلك عالم الغيب والشهادة) أي: الذي يفعل ذلك، ويقدر عليه، هو العالم بما يشاهد، وما لا يشاهد، وبما غاب عن الخلق، وما حضر (العزيز) المنيع في ملكه