القراءة: في الشواذ قراءة زيد بن أسلم، وأبي جعفر القاري: (ألا من ظلم) بفتح الهمزة خفيفة اللام. وقرأ علي بن الحسين عليه السلام وقتادة: (مبصرة) بفتح الميم والصاد.
الحجة: قال ابن جني: من عدل إلى هذه القراءة، فكأنه خفي عليه انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية، فإن (من) في هذه القراءة في موضع رفع بالابتداء، أو يكون للشرط، كقولك: من يقم اضرب. و (من) هناك منصوبة على الاستثناء وهو استثناء منقطع، بمعنى لكن. وقوله (مبصرة) كقولك (هدى ونورا)، وقد كثرت المفعلة بمعنى الشياع والكثرة في الجواهر والأحداث جميعا، كقولهم: أرض مضبة: كثيرة الضباب، ومفعاة: كثيرة الأفاعي، ومحياة ومحواة: كثيرة الحيات.
هذا في الجواهر. وأما الأحداث فكقولك: البطنة موسنة، وأكل الرطب موردة، ومحمة، ومنه المسعاة والمعلاة، والحق مجدرة بك ومخلقة. وفي كله معنى الكثرة من موضعين أحدهما. المصدرية التي فيه، والمصدر إلى الشياع والعموم والآخر:
التاء وهي لمثل ذلك.
الاعراب: (بيضاء): منصوبة على الحال. و (من غير سوء): يتعلق ببيضاء. و (في تسع آيات): يتعلق بألق، و (أدخل يدك)، ومعناه: إلقاء العصا، وإدخال اليد في جملة الآيات التسع التي يظهرها له. (إلى فرعون).
يتعلق بمحذوف، والتقدير: مرسلا إلى فرعون فهو في موضع الحال. (ظلما وعلوا): مفعول له. و (كيف): في موضع نصب بأنه خبر كان.
المعنى: ثم قال سبحانه (إلا من ظلم) المعنى: لكن من ظلم نفسه بفعل القبيح من غير المرسلين، لأن الأنبياء لا يقع منهم ظلم، لكونهم معصومين من الذنوب والقبائح. فيكون هذا استثناء منقطعا. وإنما حسن ذلك لاجتماع الأنبياء وغيرهم في معنى شملهم، وهو التكليف. (ثم بدل حسنا بعد سوء) أي: بدل توبة وندما على ما فعله من القبيح، وعزما أن لا يعود إليه في المستقبل. (فإني غفور رحيم) أي: ساتر لذنبه، قابل لتوبته. (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) أعطاه آية أخرى، وقد سبق بيانها (في تسع آيات) أي: مع تسع آيات أخر، أنت مرسل بها (إلى فرعون وقومه) فحذف، أو يكون تقديره: مرسلا بها إلى فرعون، ومبعوثا إليه، ومثله قول الشاعر: