له مسموعا. وإذا وصفناه بأنه عليم أفاد أنه متى يصح معلوم فهو عالم به، كما أن سميعا يفيد أنه متى وجد مسموع، فلا بد أن يكون سامعا له.
(إذ قال موسى لأهله) قال الزجاج: العامل في (إذ) اذكر أي: اذكر في قصة موسى، إذ قال لأهله أي: امرأته، وهي بنت شعيب. (إني آنست) أي: أبصرت ورأيت (نارا) ومنه اشتقاق الإنس، لأنهم مرئيون، وقيل: آنست أي أحسست بالشئ من جهة يؤنس بها. وما آنست به فقد أحسست به، مع سكون نفسك إليه.
(سأتيكم منها بخبر) معناه: فالزموا مكانكم، لعلي آتيكم من هذه النار بخبر الطريق، وأهتدي بها إلى الطريق، لأنه كان أضل الطريق. (أو آتيكم بشهاب قبس) أي: بشعلة نار. والشهاب: نور كالعمود من النار، وكل نور يمتد مثل العمود، يسمى شهابا. وإنما قال لامرأته (آتيكم) على لفظ خطاب الجمع، لأنه أقامها مقام الجماعة في الأنس بها، والسكون إليها في الأمكنة الموحشة. (لعلكم تصطلون) أي: لكي تستدفئوا بها، وذلك لأنهم كانوا قد أصابهم البرد، وكانوا شاتين، عن الحسن وقتادة.
(فلما جاءها) أي: جاء موسى إلى النار، يعني التي ظن أنها نار، وهي نور (نودي أن بورك من في النار ومن حولها) قال وهب: لما رأى موسى النار، وقف قريبا منها، فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء، شديدة الخضرة، لا تزداد النار إلا اشتعالا، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسنا. فلم تكن النار بحرارتها تحرق الشجرة، ولا الشجرة برطوبتها تطفئ النار، فعجب منها، وأهوى إليها بضغث في يده، ليقتبس منها، فمالت إليها، فخافها، فتأخر عنها. ثم لم تزل تطمعه، ويطمع فيها، إلى أن نودي. والمراد به نداء الوحي (أن بورك من في النار ومن حولها) أي: بورك فيمن في النار: وهم الملائكة، وفيمن حولها: يعني موسى، وذلك أن النور الذي رأى موسى، كان فيه ملائكة، لهم زجل بالتقديس والتسبيح، ومن حولها هو موسى، لأنه كان بالقرب منها، ولم يكن فيها، فكأنه قال: بارك الله على من في النار، وعليك يا موسى. ومخرجه الدعاء، والمراد الخبر. قال الكسائي: تقول العرب باركه الله، وبارك عليه، وبارك فيه وقيل: بورك من في النار معناه من في النار سلطانه وقدرته وبرهانه. فالبركة ترجع إلى اسم الله، وتأويله: تبارك من نور هذا النور، ومن حولها، يعني موسى والملائكة. وهذا معنى قول ابن عباس والحسن