من قال بهذا فقال قوم: كانا مؤمنين، ولذلك نهيا عن الكفر. وقال قوم: انهما كانا نبيين من أنبياء الله. ومن قرأ بالفتح. قال قوم منهم: كانا ملكين وقال آخرون: كانا شيطانين. وقال قوم: هما جبريل وميكائيل خاصة. واختلفوا في بابل فقال قوم: هي بابل العراق، لأنها تبلبل بها الألسن: وروي ذلك عن عائشة وابن مسعود. وقيل: بابل دماوند. ذكره السدي. وقال قتادة: هي من نصيبين إلى رأس العين: وقال الحسن ان الملكين ببابل الكوفة إلى يوم القيامة، وان من اتاهما سمع كلامهما. ولا يراهما وبابل بلد لا ينصرف.
وقيل في معنى السحر أربعة أقوال:
أحدها - انه خدع ومخاريق، وتمويهات لا حقيقة لها يخيل إلى المسحور أن لها حقيقة.
والثاني - انه اخذ بالعين على وجه الحيلة.
والثالث - انه قلب الحيوان من صورة إلى صورة، وانشاء الأجسام على وجه الاختراع فيمكن الساحر ان يقلب الانسان حمارا وينشئ أجساما.
والرابع - انه ضرب من خدمة الجن كالذي يمسك له التجدل فيصرع، وأقرب الأقوال الأول، لان كل شئ خرج عن العادة الخارقة، فإنه لا يجوز أن يتأتى من الساحر. ومن جوز للساحر شيئا من هذا، فقد كفر لأنه لا يمكنه مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة على النبوات، لأنه أجاز مثله من جهة الحيلة والسحر.
وقوله: " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " يتصل قوله: " فلا تكفر " بأحد ثلاثة أشياء: أحدها - فلا تكفر بالعمل بالسحر والثاني - فلا تكفر بتعلم السحر ويكون مما امتحن الله عز وجل به كما امتحن بالنهر في قوله:
" فمن شرب منه فليس منى " وثالثها (1) - فلا تكفر بواحد منهما للتعلم للسحر والعمل به فان قيل كيف يجوز ان يعلم الملكان السحر؟ قيل يعلمان ما السحر وكيف الاحتيال به، ليجتنب، ولئلا يتموه على الناس انه من جنس المعجزات التي تظهر على يد