والثاني - نسب إلى أمه، لان الكتابة كانت في الرجال دون النساء فنسب من لا يكتب من الرجال إلى أمه، لجهلها دون أبيه. وقال أبو عبيدة الأميون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب. والنبي الأمي: الذي لا يكتب، وانشد لتبع:
له أمة سميت بالزبور * أمية هي خير الأمم وروي عن ابن عباس: ان الأميين قوم لم يصدقوا رسولا ارسله الله عز وجل ولا كتابا أنزله، وكتبوا كتابا بأيديهم، وقالوا: لقوم جهال هذا من عند الله.
وقال: قد اخبر انهم يكتبون بأيديهم، ثم سماهم أميون لجحودهم كتاب الله عز وجل ورسله. والوجه الأول أوضح في اللغة. وهذا الوجه مليح لقوله في الآية الثانية " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم " فأثبت انهم يكتبون ومن قال بالأول يحتاج، ان يجعل هذا مستأنفا لغير من تقدم ذكره، أو لبعضهم.
وقوله: " لا يعلمون الكتاب " أي لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله عز وجل، ولا يدرون ما أودعه من حدوده وأحكامه وفرائضه، كهيئة البهائم.
وإنما هم مقلدة لا يعرفون ما يقولون. والكتاب المعني به التوراة. وإنما ادخل عليه لام التعريف، لأنه قصد به قصد كتاب معروف بعينه. ومعنى الآية فريق لا يكتبون ولا يدرون ما في الكتاب الذي عرفتموه، والذي هو عندكم، وهم ينتحلونه، ويدعون الاقرار به من احكام الله عز وجل وفرائضه وما فيه من حدوده التي بينها فيه إلا أماني.
قال ابن عباس ومجاهد إلا قولا يقولون بأفواههم كذبا. وقال قتادة الأماني انهم يتمنون على الله ما ليس لهم. وقال آخرون: الأماني أحاديث. وقال الكسائي والفراء وغيرهما: معناه إلا تلاوة، وهو المحكي عن أبي عبيدة على ما رواه عنه عبد الملك بن هشام، وكان ثقة. وضعف هذا الوجه الحسين بن علي المغربي، وقال هذا لا يعرف في اللغة. ومن صححه استدل بقوله تعالى: " إذا القى تمنى الشيطان في أمنيته " (1). قال كعب بن مالك: