أنفسهم في قول السدي، وغيره - فان قيل: كيف قال: " لو كان يعلمون " وقد قال قبله " ولقد علموا لمن اشتراه "؟ قلنا عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها - إنهم فريقان: فريق علموا. وعاندوا وفريق علموا وضيعوا.
والثاني - انهم فريق واحد إلا انهم ذموا في أحد الكلامين بنفي العلم، لأنه بمنزلة المنتفي. وأخبر عن حالهم في الآخرة وتقديره أنهم علموا قدر السحر، ولم يعلموا ان هلاكهم بتصديقه، واستعماله، أو لم يعلموا كنه ما أعد الله من العذاب على ذلك وان علموه على وجه الجملة.
(والثالث) وقال قوم: هو مقدم ومؤخر. وتقديره وما هم بضارين به من أحد الا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون. ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق وقال بعضهم: هما جميعا خبر عن فريق واحد، وأراد بقوله: " ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون " اي لو كانوا يعلمون بما علموه فعبر عن المعلوم بالعلم، كما قال كعب بن زهير المزني يصف ذئبا وغرابا تبعاه، لينالا من طعامه، وزاده:
إذا حضراني قلت لو تعلمانه * ألم تعلما اني من الزاد مرمل (1) فأخبر أنه قال لهما: لو تعلمانه فنفى عنهما العلم، ثم استخبرهما، فقال: ألم تعلما، وكذلك الآية. وقال قوم: إن الذين علموا الشياطين والذين لم يعلموا الناس دون الشياطين، فان قيل: ما معنى لمن اشتراه، وأين جوابها ان كانت شرطا؟ قلنا عنه جوابان أحدهما - انها بمعنى الجزاء. والآخر بمعنى الذي في قول الزجاج، وجوابها مكتفى منه جواب القسم. كما قال: " لئن اخرجوا لا يخرجون معهم " (1) ولذلك وقع قالوا: ولا يجوز الجزم إلا في ضرورة الشعر، كما قال الشاعر:
لئن كان ما حدثته اليوم صادقا * أصم في نهار القيظ للشمس باديا والوجه، لأصومن. ولا يجوز لا صوم إلا في ضرورة الشعر كما قال: