والظاهر في ورايات أصحابنا ان الساحر يجب قتله وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف.
وقال أبو علي من قال: انه بقلب الأجسام، وينشئها، يجب قتله ان لم يتب، لأنه مرتد كافر بالأنبياء، لأنه لا يجد بين ما ادعى وبين آياتهم فضلا (1) واما من قال: إنه يموه ويمخرق (2)، فإنه يؤدب، فلا يقتل. واما الروايات التي في أن الملكين أخطئا، وركبا الفواحش، فإنها اخبار آحاد. من اعتقد عصمة الملائكة، يقطع على كذبها ومن لم يقطع على ذلك، جوز أن تكون صحيحة، ولا يقطع على بطلانها. والذي نقوله إن كان الملكان رسولين فلا يجوز عليهما ذلك، وان لم يكونا رسولين، جاز ذلك - وان لم نقطع به - وقد بينا الكلام عليه فيما مضى. فأما ما روي من أن النبي " ص " سحر - وكان يرى أنه يفعل ما لم يفعله - وانه لم يفعله فأخبار آحاد، لا يلتفت إليها. وحاشى النبي " ص " من كل صفة نقص، إذ تنفر من قبول قوله، لأنه حجة الله على خلقه، وصفيه من عباده، واختاره الله على علم منه. فكيف يجوز ذلك مع ما جنبه الله من الغظاظة والغلظة، وغير ذلك من الأخلاق في الدنيئة، والخلق المشينة، ولا يجوز ذلك على الأنبياء الا من لم يعرف مقدارهم ولا يعرفهم حقيقة معرفتهم. وقد قال الله تعالى: " والله يعصمك من الناس " (3) وقد اكذب الله من قال: ان يتبعوا إلا رجلا مسحورا. فقال: " وقال الظالمون ان يتبعون إلا رجلا مسحورا " (4) فنعوذ بالله من الخذلان، ونحمده على التوفيق لما يرضاه.
و " لكن " مشددة، ومخففة معناهما واحد. قال الكسائي: والذي اختارته العرب إذا كانت (ولكن) بالواو مشددة، وإذا كانت بلا واو اختاروا التخفيف - وكل صواب - وقرئ بغير ما اختاروه اتباعا للاخبار في القراءة.