أطعمه النوعين جميعا. وهو انه لم يشك انه أطعمه الطعمين معا فكأنه قال: فهي كالحجارة أو أشد قسوة. ومعناه ان قلوبهم لا تخرج من أحد هذين المثلين. اما أن تكون مثلا للحجارة القسوة. واما أن تكون أشد منها. ويكون معناه على هذا بعضها كالحجارة قسوة وبعضها أشد قسوة من الحجارة. وكل هذه الا وجه محتملة وأحسنها الابهام على المخاطبين. ولا يجوز أن يكون المعنى الشك، لان الله تعالى عالم لنفسه لا يخفى عليه خافية. وكذلك في أمثال ذلك نحو قوله: " فكان قاب قوسين أو أدنى " وغير ذلك وأنشدوا في معنى أو يراد به بل قول الشاعر:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى * فصورتها أو أنت في العين أملح الاعراب:
يريد بل أنت. والرفع في قوله: " أو أشد قسوة " يحتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون عطفا على معنى الكاف التي في قوله: كالحجارة، لان معناها، فهي مثل الحجارة.
والآخر: أن يكون عطفا على تكرير هي، فيكون التقدير فهي كالحجارة أو هي أشد قسوة من الحجارة.
وقرئ بنصب الدال شاذا فيكون نصبه على أن موضعه الجر بالكاف وإنما نصب على أنه وزن افعل لا ينصرف.
وقوله: " وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ".
المعنى:
معناه ان من الحجارة ما هو انفع من قلوبهم الفاسية، يتفجر منها انهار، وان منها لما يهبط من خشية الله، والتقدير ان من الحجارة حجارة يتفجر منها انهار الماء فاستغنى بذكر الأنهار عن ذكر الماء. وكرر قوله منه للفظ ما.
اللغة:
والتفجر: التفعل من فجر الماء: وذلك إذا نزل خارجا من منبعه وكل سائل