أن في الدهن الطيب الفدية على أي وجه استعمله، وأن ما عدا المسك والعنبر والكافور والزعفران والورس والعود لا كفارة فيه عندنا، للاجماع والأخبار وأصل البراءة. وإن أكل طعاما فيه طيب الفدية على جميع الأحوال، وقال مالك:
إن مسته النار فلا فدية، وقال الشافعي: إن كانت أوصافه باقية من طعم أو رائحة ففيه الفدية، وإن بقي له وصف ومعه رائحة ففيه الفدية قولا واحدا، وإن لم يبق غير لونه وما بقي ريح ولا طعم فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا فدية عليه.
دليلنا عموم الأخبار في أن من أكل طعاما لا يحل له أكله وجبت عليه الفدية، وطريقة الاحتياط أيضا يقتضيه (1). ويرد عليه أنه إذا لم تبق الرائحة لم يكن طعاما لا يحل له أكله ما الدليل عليه؟
وقال أيضا: إذا مس طيبا ذاكرا لاحرامه، عالما بالتحريم، رطبا كالغالية أو المسك أو الكافور إذا كان مبلولا بماء ورد أو دهن طيب فعليه الفداء في أي موضع كان من بدنه ولو بعقبه، وكذلك لو سعط به أو حقن به، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لو ابتلع الطيب فلا فدية، وعندنا وعند الشافعي ظاهر البدن وباطنه سواء، وكذلك إن حشا جرحه بطيب فداه. دليلنا عموم الأخبار التي وردت فيمن استعمل الطيب أن عليه الفدية، وهي عامة في جميع المواضع، وطريقة الاحتياط أيضا تقتضيه. قال: وإن كان الطيب يابسا مسحوقا فإن علق بيديه منه شئ فعليه الفدية، فإن لم يعلق بحال فلا فدية، وإن كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر والكافور فإن علق بيديه رائحته ففيه الفدية، وقال الشافعي: إن علق به رائحته ففيه قولان.
دليلنا عموم الأخبار وطريقة الاحتياط (2).
وقال الحلبي: في شم المسك والعنبر والزعفران والورس وأكل طعام فيه شئ منها دم شاة، وفيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة (3).