فإن كان هذا الباب يؤخذ من طريق الاسناد فان هذا الاسناد أحسن من إسناد الحديث الأول وإن كان ذلك يؤخذ من طريق تصحيح معاني الآثار فان جابرا قد أخبر أن ذلك من فعل اليهود فقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر به على الاقتداء منه بهم إذ كان حكمه أن يكون على شريعتهم لأنهم أهل كتاب حتى يحدث الله عز وجل له شريعة تنسخ شريعتهم ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فخالفهم فلم يرفع يديه إذا من مخالفتهم فحديث جابر أولى لان فيه مع تصحيح هذين الحديثين النسخ لحديث بن عباس رضي الله عنهما وابن عمر رضي الله عنهما وإن كان يؤخذ من طريق النظر فانا قد رأينا الرفع المذكور في هذا الحديث على ضربين فمنه رفع لتكبير الصلاة ومنه رفع للدعاء فأما ما للصلاة فرفع اليدين عند افتتاح الصلاة وأماما للدعاء فرفع اليدين عند الصفا والمروة وبجمع وعرفة وعند الجمرتين فهذا متفق عليه وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في رفع اليدين بعرفة ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال أنا حماد عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعرفة وكان يرفع يديه نحو ثندوته فأردنا أن ننظر في رفع اليدين عن رؤية البيت هل هو كذلك أم لا فرأينا الذين ذهبوا إلى ذلك ذهبوا أنه لا لعلة الاحرام ولكن لتعظيم البيت وقد رأينا الرفع بعرفة والمزدلفة وعند الجمرتين وعلى الصفا والمروة إنما أمر بذلك من طريق الدعاء في الموطن الذي جعل ذلك الوقوف فيه لعلة الاحرام وقد رأينا من صار إلى عرفة أو مزدلفة موضع رمى الجمار أو الصفا والمروة وهو غير محرم أنه لا يرفع يديه لتعظيم شئ من ذلك فلما ثبت أن رفع اليدين لا يؤمر به في هذه المواطن إلا لعلة الاحرام ولا يؤمر به في غير الاحرام كان كذلك لا يؤمر برفع اليدين لرؤية البيت في غير الاحرام فإذا ثبت أن لا يؤمر بذلك في غير الاحرام ثبت أن لا يؤمر به أيضا في الاحرام وحجة أخرى أنا قد رأينا ما يؤمر برفع اليدين عنده في الاحرام ما كان مأمورا بالوقوف عنده من المواطن التي ذكرنا وقد رأينا جمرة العقبة كغيرها من الجمار غير أنه لا يوقف عندها فلم يكن هناك رفع
(١٧٧)