فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب فلما قدموا قعد المشركون مما يلي الحجر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين قال بن عباس رضي الله عنهما ولم يمنعه أن يأمرهم بأن يرملوا الأشواط الأربعة إلا إبقاء عليهم حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حجاج بن نضير قال ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما زعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت وأنها سنة قال صدقوا وكذبوا قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وليست بسنة ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة والمشركون على قعيقعان وبلغه أنهم يقولون إن به وبأصحابه هزالا فقال لأصحابه أرملوا أروهم أن بكم قوة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني فإذا توارى عنهم مشى قالوا فلا ترى أنه أمرهم أن يمشوا في الأشواط الثلاثة فيما بين الركنين حيث لا يراهم المشركون وأمرهم أن يرملوا فيما بقي من هذه الأشواط ليروهم فلما كان قد أمرهم بالرمل حيث يرونهم وبتركه حيث لا يرونهم ثبت بذلك أن الرمل كان من أجلهم لا من أجل أنه سنة قالوا ومما دل على ذلك أنه لم يفعل ذلك لما حج وذكروا في ذلك ما حدثنا فهد قال ثنا يحيى الحماني قال ثنا قيس عن العلاء بن المسيب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في العمرة ومشى في الحج أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمل في حجه حيث عدم الذين من أجلهم رمل في عمرته وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الرمل في الأشواط الثلاثة الأول سنة لا ينبغي تركها في الحج ولا في العمرة واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا الحجاج قال ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة فرمل بالبيت ثلاثا ومشى أربعة أشواط ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل الأشواط كلها وقد كان في بعضها حيث يراه المشركون وفي بعضها حيث لا يرونه
(١٨٠)