ما تركه عالم قط (عن أبيه عن جده) هو معاوية بن حيدة صحابي (في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون) تقدم في حديث أنس أن بنت اللبون تجب من ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين فهو يصدق على أنه يجب في الأربعين بنت لبون، ومفهوم العدد هنا مطرح زيادة ونقصانا لأنه عارضه المنطوق الصريح وهو حديث أنس (لا يفرق إبل عن حسابها) معناه أن الملك لا يفرق ملكه عن ملك غيره حيث كانا خليطين كما تقدم، أو المعنى تحاسب الكل في الأربعين ولا يترك هزال ولا سمين ولا صغير ولا كبير نعم العامل لا يأخذ إلا الوسط (من أعطاها مؤتجرا بها) أي قاصدا للأجر بإعطائها (وشطر ماله) اختلف في ضبط لفظ شطر وإعرابه، فقال بعض الأئمة، هو عطف على الضمير المنصوب في آخذوها، والمراد من الشطر البعض وظاهره أن ذلك عقوبة بأخذ جزء من المال على منعه اخراج الزكاة. وقال بعض الأئمة: شطر بضم الشين المعجمة وكسر الطاء المهملة المشددة فعل مبني للمجهول ومعناه جعل ماله شطرين يأخذ المصدق الصدقة من أي الشطرين أراد. قال الإمام ابن الأثير: قال الحربي غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هو وشطر ماله أي يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق، فيأخذ الصدقة من غير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة، فأما لا تلزمه فلا. وقال الخطابي في قول الحربي لا أعرف هذا الوجه وقيل إنه كان في صدر الاسلام يقع بعض العقوبات في الأموال ثم نسخ وله في الحديث نظائر وقد أخذ أحمد بن حنبل بشئ من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم من منع زكاة ماله: أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه واستدل بهذا الحديث. وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير وجعل هذا الحديث منسوخا وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخت. ومذهب عامة الفقهاء أن لا واجب على متلف الشيء أكثر من مثله أو قيمته انتهى كلامه. وقال الحافظ في التلخيص: وقال البيهقي وغيره: حديث بهز هذا منسوخ وتعقبه النووي بأن الذي ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في الأموال في أول الإسلام ليس بثابت ولا معروف، ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ. والجواب عن ذلك ما أجاب به إبراهيم الحربي فإنه قال في سياق هذا المتن لفظه وهم فيها الراوي وإنما هو فإنا آخذوها من شطر ماله أي نجعل ماله شطرين فيتخير عليه المصدق ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنع الزكاة، فأما ما لا تلزمه فلا. نقله ابن الجوزي في جامع المسانيد عن الحربي والله أعلم.
(٣١٧)