حديث أبي قال: " لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرئيل فقال يا جبرئيل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط قال: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف " وفي رواية للنسائي قال: " إن جبرئيل وميكائيل أتياني فقعد جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبرئيل اقرأ القرآن على حرف قال ميكائيل استزده حتى بلغ سبعة أحرف فكل حرف شاف كاف " قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي.
(باب الدعاء) (الدعاء هو العبادة) أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه، قائما بوجوب العبودية معترفا بحق الربوبية، عالما بنعمة الإيجاد، طالبا لمدد الإمداد على وفق المراد وتوفيق الإسعاد. كذا في المرقاة. وقال الشيخ في اللمعات: الحصر للمبالغة وقراءة الآية تعليل بأنه مأمور به فيكون عبادة أقله أن يكون مستحبة وآخر الآية (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) والمراد بعبادتي هو الدعاء، ولحوق الوعيد ينظر إلى الوجوب، لكن التحقيق أن الدعاء ليس بواجب والوعيد إنما هو على الاستكبار. انتهى. (قال ربكم ادعوني أستجب لكم) قيل استدل بالآية على أن الدعاء عبادة لأنه مأمور به والمأمور به عبادة.
وقال القاضي: استشهد بالآية لدلالتها على أن المقصود يترتب عليه ترتيب الجزاء على الشرط والمسبب على السبب ويكون أتم العبادات، ويقرب من هذا قوله: " مخ العبادة " أي خالصها. وقال الطيبي رحمه الله: يمكن أن تحمل العبادة على المعنى اللغوي وهو غاية التذلل والافتقار والاستكانة، وما شرعت العبادة إلا للخضوع للبارئ وإظهار الافتقار إليه، وينصر هذا التأويل ما بعد الآية المتلوة (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) حيث عبر عن عدم الافتقار والتذلل بالاستكبار، ووضع عبادتي موضع دعائي، وجعل جزاء ذلك الاستكبار الهوان والصغار. قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حسن صحيح.