فإذا حالت السنة بطلوع سهيل تحولت أسنان الإبل. ثم قال الشاعر: (لم يبق من أسنانها) الإبل (غير الهبع) أن الإبل على قسمين أحدهما: وهو الأكثر ما يولد زمن طلوع سهيل أول الليل والثاني: ما يولد في غير زمنه وقد مر ذكر أسنان القسم الأول في البيتين السابقين فلم يبق من أسنان الإبل غير مذكور إلا القسم الثاني وهو الذي يقال له: الهبع على ما قال المؤلف (والهبع الذي يولد) بصيغة المجهول (في غير حينه) أي حين طلوع سهيل أو الليل. قال في اللسان: الهبع الفصيل الذي ينتج في الصيف، وقيل: هو الفصيل الذي فصل في آخر النتاج.
قال ابن السكيت: العرب تقول: ماله هبع ولا ربع فالربع ما نتج في أول الربيع والهبع ما نتج في الصيف. هذا كله من غاية المقصود شرح سنن أبي داود.
(باب أين تصدق الأموال) (قال: لا جلب) أي بفتحتين بمعنى لا يقرب العامل أموال الناس إليه لما فيه من المشقة عليهم بأن ينزل الساعي محلا بعيدا عن الماشية ثم يحضرها وإنما ينبغي له أن ينزل على مياههم أو أمكنة مواشيهم لسهولة الأخذ حينئذ. ويطلق الجلب أيضا على حث فرس السباق على قوة الجري بمزيد الصياح عليه لما يترتب عليه من إضرار الفرس (ولا جنب) بفتحتين أي لا يبعد صاحب المال المال بحيث تكون مشقة على العامل (ولا تؤخذ) بالتأنيث وتذكر (إلا في دورهم) أي منازلهم وأماكنهم ومياههم وقبائلهم على سبيل الحصر، لأنه كنى بها عنه فإن أخذ الصدقة في دورهم لازم لعدم بعد الساعي عنها فيجلب إليه ولعدم بعد المزكي فإنه إذا بعد عنها لم يؤخذ فيها. وحاصله أن آخر الحديث مؤكد لأوله أو إجمال لتفصيله، كذا في المرقاة