ثلاثون ميلا (فجعل) أي طفق وشرع (يتعوذ بأعوذ برب الفلق) أي الخلق أو بئر في قعر جهنم (وأعوذ برب الناس) أي بهاتين السورتين المشتملتين على ذلك (يا عقبة تعوذ بهما) أي بل هما أفضل التعاويذ، ومن ثم لما سحر عليه الصلاة والسلام مكث مسحورا سنة حتى أنزل الله عليه ملكين يعلمانه أنه يتعوذ بهما ففعل فزال ما يجده من السحر. قال المنذري: في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه.
(باب كيف يستحب الترتيل في القراءة) (يقال) أي عند دخول الجنة (لصاحب القرآن) أي من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤه ولا يعمل به (اقرأ وارتق) أي إلى درجات الجنة أو مراتب القرب (ورتل) أي لا تستعجل في قراءتك في الجنة التي هي لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة (كما كنت ترتل) أي في قراءتك، وفيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية (في الدنيا) من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها) وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، وجاء في حديث من أهل القرآن فليس فوقه درجة، فالقراء يتصاعدون بقدرها. قال الداني: وأجمعوا على أن عدد آي القرآن ستة آلاف آية ثم اختلفوا فيما زاد فقيل ومائتا آية وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة وقيل وخمس وعشرون، وقيل وست وثلاثون انتهى. ويؤخذ من الحديث أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له. قال الخطابي: جاء في الأثر عداد آي القرآن على قدر درج الجنة، يقال للقارئ اقرأ وارتق الدرج على قدر ما تقرأ من آي القرآن. فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزء منها كان رقيه من الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة انتهى. وقال الطيبي: إن الترقي يكون دائما فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له كذلك هذه