(أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا مشكل بقوله صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " وبقوله صلى الله عليه وسلم " وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم " لأن قرب العبد من الله تعالى راجع إلى إحسان إليه، وذلك بكثرة الثواب وهذا معنى كون طول القيام أفضل، ولا يمكن أن يكون في الصلاة ركنان كل واحد أفضل الصلاة، وأيضا فإن السجود أفضل من القيام واجبه ونفله، لأن الشرع سامح في القيام في حق المسبوق ولم يسامح في السجود فدل على أن واجب السجود أفضل من واجب القيام وآكد. وكل ما كان واجبه أفضل كان نفله أفضل، فيرجح فرض السجود ونفله على القيام. قال والجواب أن المراد بالحديثين سنة القيام وسنة السجود، أما الأول فلقوله وطول القيام، وطوله ليس واجبا بالإجماع، وأما الثاني فلقوله فأكثروا فيه من الدعاء، والواجب من السجود لا يسع دعاء، فالمراد بالصلاة في قول السائل أي الصلاة أفضل الصلاة لأن الألف واللام للعموم فيكون التقدير أي سنن الصلاة أفضل انتهى. قال السيوطي: والإشكال باق.
(باب صلاة الليل مثنى مثنى) لا اختلاف في مشروعية لأحد وإنما اختلفوا في الأفضل. قال الشافعي: إن الأفضل في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. وقال أبو حنيفة رحمه الله الأفضل فيهما أربع أربع، وقال صاحباه في الليل مثنى وفي النهار رباع. والأخبار وردت على أنحاء فكل أخذ بما يترجح عنده. ومما يوافق مذهب أبي حنيفة ما ورد عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات لا يفصل بينهن بسلام " رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، وما في مسلم من حديث معاذة: " أنها سألت عائشة كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت أربع ركعات " الحديث وما في الصحيحين من حديث عائشة في بيان صلاة الليل " يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن " الحديث. فهذا الفصل