(باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه) (قال في المزمل) أي في سورة المزمل، يقال تزمل وتدثر بثوبه إذا تغطي به أراد يا أيها النائم قم فصل. قال العلماء كان هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة ثم خوطب بعد بالنبي والرسول (قم الليل) أي للصلاة (إلا قليلا) وكان القيام فريضة في الابتداء ثم بين قدره فقال تعالى: (نصفه أو أنقص منه قليلا) أي إلى الثلث أو زد عليه أي على النصف إلى الثلثين، خيره بين هذه المنازل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل ومتى النصف ومتى الثلثان، فكان يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهم الله وخففه عنهم ونسخها الله تعالى بقوله الآتي كما قال الراوي (نسختها) أي هذه الآية (الآية) الأخرى (التي فيها) أي في هذه السورة وهو قوله: (علم أن لن تحصوه) أي لن تطيقوه (فتاب عليكم) أي فعاد عليكم بالعفو والتخفيف (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) من غير تحديد الوقت لكن قوموا من الليل ما تيسر، عبر عن الصلاة بالقراءة فهذه الآية نسخت الذي كان الله أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل: واختلفوا في المدة التي بينهما سنة أو قريب منها أو ستة عشر شهرا أو عشر سنين. أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عائشة قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم قلما ينام من الليل لما قال الله له قم الليل إلا قليلا " وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وغيرهم عن ابن عباس قال: " لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر
(١٣٢)