أنه صلى بكل طائفة ركعتين وكان الحسن البصري يفتي به، وقد حكى المزني عن الشافعي أنه لو صلى في الخوف بطائفة ركعتين ثم سلم فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم كان جائزا قال وهكذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخل. قال ابن عبد البر وروي أن صلاته هكذا كانت يوم ذات الرقاع، وذكر أبو داود في سننه لصلاة الخوف ثمانية صور وذكرها ابن حبان في صحيحه تسعة أنواع، وذكر القاضي عياض في الإكمال لصلاة الخوف ثلاثة عشر وجها، وذكر النووي أنها تبلغ ستة عشر وجها ولم يبين شيئا من ذلك. وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: قد جمعت طرق الأحاديث الواردة في صلاة الخوف فبلغت سبعة عشر وجها وبينها لكن يمكن التداخل في بعضها. وحكى ابن القصار المالكي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها عشر مرات وقال ابن العربي صلاها أربعا وعشرين مرة وبين القاضي عياض تلك المواطن وأطال الكلام فيه. كذا في عمدة القاري مختصرا. وفي التخليص: رويت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم على أربعة عشر نوعا ذكرها ابن حزم في جزء مفرد وبعضها في صحيح مسلم ومعظمها في سنن أبي داود.
وذكر الحاكم منها ثمانية أنواع وابن حبان تسعة أنواع وقال ليس بينها تضاد ولكنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف مرارا والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع وهي من الاختلاف المباح. ونقل ابن الجوزي عن أحمد أنه قال ما أعلم في هذا الباب حديثا إلا صحيحا انتهى. هذا كله ملخصا عن غاية المقصود.
(باب صلاة الطالب) (عن ابن عبد الله بن أنيس) قال المنذري: هذا هو عبد الله بن عبد الله بن أنيس جاء ذلك مبينا من رواية محمد بن سلمة الحراني عن محمد بن إسحاق انتهى. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وحسن إسناده الحافظ في الفتح والحديث استدل به على جواز الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء، وهذا الاستدلال صحيح لا شك فيه، لأن عبد الله بن أنيس فعل ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك زمان نزول الوحي، ومحال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع عليه، وفعل الصحابي أيضا حجة ما لم يعارضه حديث مرفوع. كذا في الغاية. قال ابن المنذر: كل من أحفظ عنه العلم يقول أن المطلوب يصلي على دابته يؤمي إيماء وإن كان طالبا نزل فصلى بالأرض. قال الشافعي إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك،