هذه الرواية على أن المراد أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله في غير منى، والروايات المشهورة بإتمام عثمان بعد صدر من خلافته محمولة على الإتمام بمنى خاصة، وقد فسر عمران بن الحصين في روايته أن إتمام عثمان إنما كان بمنى وكذا ظاهر الأحاديث التي ذكرها مسلم. واعلم أن القصر مشروع بعرفات ومزدلفة ومنى للحاج من غير أهل مكة وما قرب منها ولا يجوز لأهل مكة ومن كان دون مسافة القصر. هذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة والأكثرين. وقال مالك يقصر أهل مكة ومنى ومزدلفة وعرفات، فعلة القصر عنده في تلك المواضع النسك، وعند الجمهور علته السفر والله أعلم. انتهى. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة مختصرا ومطولا.
(باب التطوع على الراحلة والوتر) (يسبح على الراحلة) يقال يصلي سبحة أي يتنفل، والسبحة بضم السين وإسكان الباء النافلة (أي وجه توجه) يعني في جهة مقصده. قال العلماء فلو توجه إلى غير المقصد فإن كان إلى القبلة جاز وإلا فلا (ويوتر عليها) فيه دليل لمذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور أنه يجوز الوتر على الراحلة في السفر حيث توجه وأنه سنة ليس بواجب، وقال أبو حنيفة هو واجب ولا يجوز على الراحلة، والأحاديث الصحيحة المروية في ذلك ترد عليه، وقد أطنب الكلام فيه الإمام محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
(فأراد أن يتطوع) أي يتنفل راكبا والدابة تسير (استقبل بناقته القبلة فكبر) أي للاستفتاح عقب الاستقبال. قال في المحيط منهم من شرط التوجه إلى القبلة عند التحريمة يعني بشرط