قلت قد جمع بينهما بأن النهي عن الثلاث إذا كان يقعد للتشهد الأوسط لأنه يشبه المغرب وأما إذا لم يقعد إلا في اخرها فلا يشبه المغرب قال الأمير اليماني وهو جمع حسن وقال الحافظ في فتح الباري وجه الجمع أن يحمل النهي عن صلاة الثلاث بتشهدين وقد فعله السلف يعني الايتار بثلاث بتشهد واحد فروى محمد بن نصر من طريق الحسن أن عمر كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير ومن طريق المسور بن مخرمة أن عمر أوتر بثلاث لم يسلم إلا في اخرهن ومن طريق ابن طاوس عن أبيه أنه كان يوتر بثلاث لا يقعد بينهن ومن طريق قيس بن سعد عن عطاء وحماد بن زيد عن أيوب مثله وروى محمد بن نصر عن ابن مسعود وأنس وأبي العالية أنهم أوتروا بثلاث كالمغرب وكأنهم لم يبلغهم النهي المذكور انتهى كلام الحافظ قلت يؤيد هذا الجمع حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلا في اخرهن وهذا وتر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذه أهل المدينة رواه الحاكم في المستدرك من طريق أبان بن يزيد العطار عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عنها فإن قلت هذا الحديث بهذا اللفظ غير محفوظ والمحفوظ ما رواه الحاكم في المستدرك من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة بلفظ قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسلم في الركعتين الأوليين من الوتر فإن سعيد بن أبي عروبة ثقة حافظ أثبت الناس في قتادة وأبان بن يزيد العطار وإن كان من الثقات لكنه دون سعيد فيكون ما رواه سعيد عن قتادة أرجح مما رواه أبان عنه قلت لا مخالفة بين قوله لا يسلم في الركعتين الأوليين من الوتر وقوله لا يقعد إلا في اخرهن فتفكر على أن أبان بن يزيد ثقة ثبت قال الحافظ في تهذيب التهذيب قال أحمد ثبت في كل المشايخ وقال ابن معين ثقة انتهى وكان صاحب كتاب قال ابن عدي في الكامل وهو حسن الحديث متماسك يكتب حديثه انتهى وكان صاحب كتاب. قال ابن عدي في الكامل.
وهو حسن الحديث متماسك يكتب حديثه انتهى. ومع هذا لم يكن فيه شئ من الاختلاط قط وأما سعيد بن أبي عروبة فلم يكن صاحب كتاب قال أبو حاتم سمعت أحمد بن حنبل يقول لم يكن لسعيد بن أبي عروبة كتاب إنما يحفظ ذلك كله انتهى ومع هذا كان قد اختلط في اخر عمره قال الأزدي اختلط اختلاطا قبيحا قال ابن حبان في الثقات بقي في اختلاطه خمس سنين وقال الذهلي عن عبد الوهاب الخفاف خولط سعيد سنة (148) وعاش بعد ما خولط تسع