ليؤجركم بها ولم يكتف به فشرع صلاة التهجد والوتر ليزيدكم إحسانا على إحسان انتهى وقال القاري وغيره أي جعلها زيادة لكم في أعمالكم من مد الجيش وأمده أي زاد والأصل في المزيد أن يكون من جنس المزيد عليه فمقتضاه أن يكون الوتر واجبا انتهى قلت (استدل به الحنفية على وجوب الوتر بهذا التقرير) وقد رد عليهم القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي حيث قال فيه به احتج علماء وأبو حنيفة فقالوا إن الزيادة لا تكون إلا من جنس المزيد وهذه دعوى بل الزيادة تكون من غير جنس المزيد كما لو ابتاع بدرهم فلما قضاه زاده ثمنا أو ربعا إحسانا كزيادة النبي صلى الله عليه وسلم لجابر في ثمن الجمل فإنها زيادة وليست بواجبة وليس في هذا الباب حديث صحيح يتعللون به انتهى قلت الأمر كما قال ابن العربي لا شك في أن قولهم إن الزيادة لا تكون إلا من جنس المزيد مجرد دعوى لا دليل عليها بل يردها ما ذكره هو بقوله كما لو ابتاع بدرهم إلخ وقال الحافظ في الدراية ليس في قوله زادكم دلالة على وجوب الوتر لأنه لا يلزم أن يكون المزاد من جنس المزيد فقد روى محمد بن نصر المروزي في الصلاة من حديث أبي سعيد رفعه إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النعم ألا وهي الركعتان قبل الفجر وأخرجه البيهقي ونقل عن ابن خزيمة أنه قال لو أمكني لرحلت في هذا الحديث انتهى ويأتي الكلام في هذه المسألة في الباب الآتي (هي خير لكم من حمر النعم) بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمر والنعم الإبل فهو من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف وإنما قال ذلك ترغيبا للعرب فيها لأن حمر النعم أعز الأموال عندهم فكانت كناية عن أنها خير من الدنيا كلها لأنها ذخيرة الآخرة التي هي خير وأبقى (الوتر) بالجر بدل من صلاة بدل المعرفة من النكرة وبالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هي الوتر قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وبريدة وأبي بصرة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم) أما حديث أبي هريرة فأخرجه البيهقي في الخلافيات بلفظ إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن وله حديث آخر عند أحمد وابن أبي شيبة بلفظ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يوتر فليس منا وفي إسناده الخليل بن مرة قال فيه أبو زرعة شيخ صالح وضعفه أبو حاتم والبخاري وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها وهي الوتر وأما حديث بريدة فأخرجه أبو داود بلفظ الوتر حق
(٤٣٩)