لان المراد ابنوها ولا تتخذوا لها شرفا فشبهها صلى الله عليه وآله بالكباش الجم وهي التي قرونها صغار خافية.
قوله صلى الله عليه وآله: لينزوي، هذا الكلام مجاز، وفيه قولان أحدهما أن المسجد يتنزه عن النخامة وهي البصقة بمعنى أنه يجب أن يكرم عنها، فإذا رؤيت عليه كانت شانئة له وزارئة عليه وكان معها بمنزلة الرجل ذي الهيئة يشمئز مما يهجنه وأصل الانزواء الانحراف مع تقبض وتجمع. والقول الاخر أن يكون المراد أهل المسجد فأقيم المسجد في الذكر مقامهم لما كان مشتملا عليهم، فالمعنى أن أهل المسجد ينقبضون من النخامة إذا رأوها فيه ذهابا به عن الأدناس وصيانة له عن الأدران (1).
بيان: قال في النهاية: في شرح تلك الرواية (لينزوي) أي ينضم ويتقبض، و قيل أراد أهل المسجد وهم الملائكة انتهى، وذكر الأكثر كراهة التنخم والبصاق في المسجد، واستحباب سترهما بالتراب أو بالحصا، وقد ورد بجواز البصاق روايات مثل ما رواه الشيخ (2) عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يكون في المسجد في الصلاة فيريد أن يبصق؟ فقال: عن يساره، وإن كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة، ويبزق عن يمينه وشماله.
وعن طلحة بن زيد (3)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: لا يبزق أحدكم في الصلاة قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبزق عن يساره، وتحت قدمه اليسرى.
وعن عبيد بن زرارة (4) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أبو جعفر عليه السلام يصلي في المسجد فيبصق أمامه وعن يمينه وعن شماله وخلفه عن الحصا ولا يغطيه.
فيمكن حمل ما عدا الأخير على كون بعضها أشد كراهة، أو على حال الضرورة والأخير على أنه لبيان الجواز، أو يكون مختصا بهم عليهم السلام لتشرف المسجد ببصاقهم.
ثم الظاهر من الاخبار أن البصاق أخف كراهة، ويمكن المناقشة في كراهته