ما الداعي على الحمل على ما يوجب تلك التكلفات.
وسمعنا أن بعض أفاضل المتأخرين ممن ولي عصرنا زاد في الطنبور نغمة وحكم بأنه لا يجوز للمالك أيضا أن يصلي فيه، لأنه يصدق عليه أنه مغصوب، وهذا فرع ورود تلك العبارة في شئ من النصوص، ولا نص فيه على الخصوص، بل إنما يستدلون بعموم ما دل على عدم جواز التصرف في ملك الغير ثم يحتجون للبطلان بأن النهي في العبادة موجب للفساد، ولا يجري ذلك في المالك ومن أذن له فكم بين من يحكم بجواز الصلاة وصحتها للغاصب وغيره وإن منع المالك صريحا، وبين من يقول بهذا القول.
ثم اعلم أنه على القول بالبطلان لا فرق بين الفريضة والنافلة، وهل تبطل الصلاة تحت السقف والخيمة إذا كانا مغصوبين مع إباحة الأرض؟ فيه إشكال، ولعل الأظهر عدم البطلان، واستند القائل به إلى أن هذا تصرف في السقف و الخيمة، بناء على أن التصرف في كل شئ بحسب ما يليق به، والانتفاع به بحسب ما أعدله.
واختلفوا في بطلان الطهارة في المكان المغصوب فذهب المحقق إلى العدم، بناء على أن الكون ليس جزء منها ولا شرطا فيها، وإليه ذهب العلامة في المنتهى والفرق بين الطهارة والصلاة في ذلك مشكل، إذ الكون كما أنه مأخوذ في مفهوم السكون، مأخوذ في مفهوم الحركة، وليس الوضوء والغسل إلا حركات مخصوصة، وليس المكان منحصرا فيما يعتمد عليه الجسم فقط، فان الملك والأحكام الشرعية لا تتعلق به خاصة، بل تعم الفراغ الموهوم، أو الموجود، فكل منهما عبارة حقيقة عن الكون أو مشتمل عليه.
وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لكثرة حاجة الناس إلى تلك المسائل، ودورانها على ألسن الخاص والعام، والله يعلم حقايق الاحكام.
7 - تحف العقول: للحسن بن علي بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في خطبة الوداع: أيها الناس إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لمؤمن مال أخيه