وقد ذكر الشهيد بعد ذلك أخبارا صريحة فيما ذكرنا، على أنهما لو صرحا بذلك أيضا لم يكن في كلامهما حجة.
ثم اعلم أن ما ذكره الشيخ الشهيد وتبعه شيخنا البهائي نور الله ضريحهما من تخصيص النجوم المذكورة في الخبر بالنجوم التي طلعت عند غروب الشمس إنما يستقيم إذا كان كل أفق من الآفاق منصفا لمداراة جميع الكواكب، و ليس كذلك، بل هذا مخصوص بأفق خط الاستواء، إذ في الآفاق المائلة باعتبار قلة ميل معدل النهار عن سمت الرأس وكثرته، وقرب مدارات الكواكب بالنسبة إلى المعدل وبعدها عنه، يختلف اختلافا فاحشا، ففي أواسط المعمورة إذا اتفق طلوع كوكب عند غروب الشمس، فربما وصل قبل انتصاف الليل إلى نصف النهار قريبا من ساعة كفرد الشجاع، وربما وصل قبله قريبا من ساعتين كالشعراء اليمانية وربما تأخر وصوله إلى نصف النهار عن الانتصاف بساعة ونصف تقريبا كالسماك الرامح ورأس الجوزاء وفم الفرس، أو بساعتين تقريبا كالنسر الطائر و العيوق ونير الفكة، أو بثلاث ساعات تقريبا كالنسر الواقع، أو أربع ساعات كالردف، وربما اتفق وصول بعض الكواكب القريبة من القطب الشمالي إلى نصف النهار بعد طلوع الشمس، فلابد على طريقتهم من تخصيص آخر، وهو أن يكون الكوكب قوس نهاره موافقة لقوس ميل درجة الشمس من منطقة البروج، أو قريبا منه كالسماك الأعزل بالنسبة إلى بعض درجات أواخر الحمل، وحمل كلام الإمام عليه السلام في بيان القاعدة التي تحتاج إليها عامة الخلق على معنى لا يعرفه إلا أوحدي الناس في هذا الفن في غاية البعد، وهذا يؤيد ما ذكرنا أنه مبني على التقريب والتخمين لاستعلام أول صلاة الليل، فيسقط الاستدلال به على ما توهموه كما عرفت.
وربما يحمل على الكواكب التي كانت معروفة عند العرب، وكانوا يعرفون بالتجارب طلوعها وغروبها، ووصولها إلى نصف النهار، ويكون الغرض تنبيههم على أنه يمكن استعلام الأوقات بأمثال ذلك بعد تحصيل التجربة، وفيه