30 - تفسير علي بن إبراهيم: " الذين يؤمنون بالغيب " قال: يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد، والايمان في كتاب الله على أربعة أوجه: فمنه إقرار باللسان قد سماه الله إيمانا، ومنه تصديق بالقلب، ومنه الأداء، ومنه التأييد.
فأما الايمان الذي هو إقرار باللسان وقد سماه الله تبارك وتعالى إيمانا و نادى أهله به فقوله " يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا وإن منكم لمن ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا، ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما " (1) فقال الصادق عليه السلام: لو أن هذه الكلمة قالها أهل الشرق وأهل الغرب لكانوا بها خارجين من الايمان، ولكن قد سماهم الله مؤمنين باقرارهم، وقوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله " (2) فقد سماهم مؤمنين باقرار اللسان ثم قال لهم صدقوا.
وأما الايمان الذي هو التصديق فقوله " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " (3) يعني صدقوا وقوله " وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله " (4) أي لا نصدقك، وقوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا " أي يا أيها الذين أقروا صدقوا، فالايمان الخفي هو التصديق وللتصديق شروط لا يتم التصديق إلا بها وقوله " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " (5) فمن أقام هذه الشروط فهو مؤمن مصدق.