والطبقة الثالثة النمط الأوسط أحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية و لعمري لئن كانوا أحبونا في السر دون العلانية فهم الصوامون بالنهار، القوامون باليل، ترى أثر الرهبانية في وجوههم، أهل سلم وانقياد.
قال الرجل: فأنا من محبيكم في السر والعلانية، قال جعفر عليه السلام: إن لمحبينا في السر والعلانية علامات يعرفون بها، قال الرجل: وما تلك العلامات؟
قال: تلك خلال أولها أنهم عرفوا التوحيد حق معرفته، وأحكموا علم توحيده والايمان بعد ذلك بما هو؟ وما صفته؟ ثم علموا حدود الايمان وحقائقه، وشروطه وتأويله.
قال سدير: يا ابن رسول الله ما سمعتك تصف الايمان بهذه الصفة؟ قال: نعم يا سدير، ليس للسائل أن يسأل عن الايمان ما هو؟ حتى يعلم الايمان بمن؟ قال سدير، يا ابن رسول الله إن رأيت أن تفسر ما قلت، قال الصادق عليه السلام: من زعم أنه يعرف الله بتوهم القلوب فهو مشرك، ومن زعم أنه يعرف الله بالاسم دون المعنى فقد أقر بالطعن، لان الاسم محدث، ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل مع الله شريكا، ومن زعم أنه يعبد المعنى بالصفة لا بالادراك فقد أحال على غائب ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد، لان الصفة غير الموصوف ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغر الكبير و " ما قدروا الله حق قدره " قيل: له: فكيف سبيل التوحيد؟ قال: باب البحث ممكن، وطلب المخرج موجود، إن معرفة عين الشاهد قبل صفته ومعرفة صفة الغايب قبل عينه، قيل: و كيف تعرف عين الشاهد قبل صفته؟ قال: تعرفه وتعلم علمه، وتعرف نفسك به ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك، وتعلم أن ما فيه له وبه كما قالوا ليوسف " إنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي " (1) فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره، ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهم القلوب أما ترى الله يقول " ما كان لكم أن تنبتوا شجرها " (2)