الدنيا والآخرة، ورزقه لسانا لالاء الله تعالى ذاكرا، وقلبا لنعمائه شاكرا، و بأحكامه راضيا، وعلى احتمال مكاره أعداء محمد وآله نفسه موطنا، لاجرم أن الله تعالى سماه عظيما في ملكوت أرضه وسماواته، وحباه برضوانه وكراماته، فكانت تجارة هذا أربح، وغنيمته أكثر وأعظم.
وأما أسوء من الثاني حلالا فرجل أعطا أخا محمد رسول الله ببيعته، وأظهر له موافقته وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، ثم نكث بعد ذلك وخالف ووالى عليه أعداءه فختم له بسوء أعماله، فصار إلى عذاب لا يبيد ولا ينفد، قد خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء، بعد محمد سيد الأنبياء علي بن أبي طالب عليه السلام وبموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته ومعاداة أعدائه شركاؤكم فان رعاية علي صلوات الله عليه أحسن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم - الذي ذكرتموه - إلى الصين الذين عرضوه للغناء وأعانوه بالثراء.
أما إن من شيعة علي عليه السلام لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة سيئاته من الآثام ما هو أعظم من جبال الرواسي والبحار التيارة، يقول الخلائق:
هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين، وفي عذاب الله تعالى من الخالدين فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الخاطئ الجاني! هذه الذنوب الموبقات، فهل بإزائها حسنة تكافئها وتدخل جنة الله برحمة الله؟ أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله، يقول العبد: لا أدري فيقول منادي ربنا عز وجل: إن ربي يقول ناد في عرصات القيامة ألا إني فلان بن فلان من بلد كذا وكذا أو قرية كذا وكذا قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار، ولا حسنة لي بإزائها فأي أهل هذا المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.