الثاني: ما قيل إن المعنى أنكم لم تتواخوا على التشيع إذ لو كان كذلك لجرت بينكم جميعا المواخاة وأداء الحقوق، وليس كذلك، بل إنما أنتم متعارفون على التشيع، يعرف بعضكم بعضا عليه من دون مواخاة وعلى هذا يجوز أن يكون الحديث واردا مورد الانكار، وأن يكون واقعا موقع الاخبار، أو المعنى أن مجرد القول بالتشيع لا يوجب التواخي بينكم، وإنما يوجب التعارف بينكم وأما التواخي فإنما يوجبه أمور أخر غير ذلك لا يجب بدونها.
الثالث: أن المعنى انه لم تكن مواخاتكم بعد حدوث هذا المذهب، و اتصافكم به، ولكن كانت في حال الولادة وقبلها وبعدها، فان المواخاة بسبب اتحاد منشأ الطين والأرواح كما مر، وهذا يرجع إلى الوجه الأول أو قريب منه.
11 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إياكم والناس، إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثم قال:
لو أنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله، واخترنا من اختار الله واختار الله محمدا واخترنا آل محمد صلى الله عليه وآله (1).
بيان: " إياكم والناس " أي احذروا دعوتهم في زمن شدة التقية، وعلل ذلك بأن من كان قابلا للهداية وأراد الله ذلك به " نكت في قلبه نكتة " من نور كناية عن أنه يلقي في قلة ما يصير به طالبا للحق متهيئا لقبوله، في القاموس: النكت أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها، والنكتة بالضم النقطة، ثم بين عليه السلام طريقا لينا لمعارضتهم، والاحتجاج عليهم وهدايتهم، بحيث لا يصير سببا لمزيد تعصبهم وإضرارهم، ولا يتضمن التصريح بكفرهم وضلالتهم، بأن قال: " لو أنكم " و " لو " للتمني و " قلتم " جواب " إذا " " حيث ذهب الله " أي حيث أمر الله بالذهاب إليه " واخترنا من اختار الله " أي اخترنا الإمامة من أهل بيت اختارهم الله فان النبي