وأما الايمان الذي هو الأداء فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله فصلاتنا إلى بيت المقدس بطلت؟ فأنزل الله تبارك وتعالى " وما كان الله ليضيع إيمانكم " (1) فسمى الصلاة إيمانا.
والوجه الرابع من الايمان هو التأييد الذي جعله الله في قلوب المؤمنين من روح الايمان فقال: " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " (2) والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله " لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن، يفارقه روح الايمان ما دام على بطنها فإذا قام عاد إليه، قيل: وما الذي يفارقه؟ قال الذي يدعه في قلبه، ثم قال عليه السلام: ما من قلب إلا وله أذنان على أحدهما ملك مرشد، وعلى الاخر شيطان مفتن، هذا يأمره وهذا يزجره.
ومن الايمان ما قد ذكره الله في القرآن خبيث وطيب فقال: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " (3) ومنهم من يكون مؤمنا مصدقا ولكنه يلبس إيمانه بظلم، وهو قوله " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون " (4) فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس إيمانه بظلم، فلا ينفعه الايمان حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص الله إيمانه، فهذه وجوه الايمان في كتاب الله (5).
بيان: قوله عليه السلام: " لو أن هذه الكلمة " استدل عليه السلام باطلاق الايمان على الاقرار باللسان بهذه الآية لأنه تعالى خاطبهم بيا أيها الذين آمنوا ثم قال: " وإن منكم " الخ فالظاهر أن هؤلاء كانوا بين المخاطبين، وما نسب إليهم يدل على أشد